(وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) :
هل للسماء أبواب مغلقة قبل قيامتها فهي تفتح عندها؟ أو أنها بمجموعها تصبح أبوابا؟ علّهما معا مقصودان هنا.
نحن نعرف من أبواب السماء أبواب الماء : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) (٥٤ : ١١) فهذه أبواب كانت مغلقة ولكنها فتحت على الأرض مرتين ، كما مرّتا ، وأما عند قيامتها فليست لها مياه لكي تفتح بها أبوابها ، وإنما تمور مورا وتنفطر وتنفجر وتحترق ، فأين ـ إذا ـ الماء؟
وأبواب أخرى تفتح للمؤمنين لكي يدخلوا الجنة : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) (٧ : ٤٠) .. إيحاء لطيف أن النار ليست في السماء ، أو ليست في سماء الجنة.
إذا فغلق أبواب السماء من هذين النوعين لا يمنع الأسفار الجوية مهما بلغت من العمق ، اللهم إلا ما يعلمه الله من أعماق السماء.
ثم الأبواب من النوع الثاني ليس فتحها للمؤمنين فتحا للسماء ككل ، ففرق بين فتح أبواب السماء وبين فتح السماء حتى تصبح أبوابا.
علّ المعنيّ من السماء الأبواب أنها إذا انفطرت ، وكواكبها إذا انتثرت ، وشمسها مع قمرها إذا جمعت ، كانت جنود السماء وقتئذ منهزمة ، فلا تمنع موانع المجرات بكواكبها ولا سائر الأجرام الجوية بأثقالها ، لا تمنع من صعود الصاعدين من المؤمنين ، ولا نزول النازلين من الملائكة : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (١٤ : ٤٨).
تدمّر السماء وتفطّر وترجع دخانا كما كانت بلا بروج ولا مدن ولا أبواب ولها فروج وكلها فروج ، وإلى حيث كأنها كلها أبواب ، فقد كانت بلا فروج :