العذاب : (جَزاءً وِفاقاً) يوافق قدر الكفر والجحود ، كما المؤمنون في الجنة درجات (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) (٣ : ١٦٣).
فلنعرف إذا : ما هي الأحقاب وما هو الجزاء الوفاق؟
الأحقاب : في غريب القرآن : «قيل هو جمع الحقب أي الدهر ، قيل : والحقبة ثمانون عاما وجمعها حقب ، والصحيح أن الحقبة مدة من الزمان مبهمة».
أقول : وقد يؤيد : الدهر والزمن المبهم في الحقب حقب موسى عليه السّلام : (لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) (١٨ : ٦٠) فلا يناسب إلا زمنا مبهما ، فلو كان على علم بزمن البلوغ ما كان يتردد بين الحقب ودونه من بلوغ المجمع ، والحقب والحقب بمعنى ، وقد تؤيده مجموعة أحاديث مروية عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأهل بيته الكرام (ع).
فقد تذكر له معاني أخرى تحده بحدّ خاص كسنة أو سبعين أو أربعين أو بضع وثمانين وقد روي الأخيران عن النبي الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم (١).
__________________
(١) الدر المنثور (٦ : ٢٠٨) أخرج البراز وابن مردوية والديلمي عن ابن عمر عن النبي (ص) قال : والله لا يخرج من النار أحد حتى يمكث فيها أحقابا ، والحقب بضع وثمانون سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما ، واليوم ألف سنة مما تعدون ، وأخرج ابن مردوية عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله (ص): الحقب أربعون سنة.
وقد تناسب الروايتان دهرا من الزمن ، فلكل كافر أحقاب من الخلود حسب كفره ، جزاء وفاقا ، أربعون عاما أو ثمانون أو .. وكما الأحقاب قد يفسر بثمانية ـ فيما روي عن الصادق (ع) قال : الأحقاب ثمانية أحقاب والحقب ثمانون سنة والسنة ثلاثمائة وستون يوما واليوم كألف سنة مما تعدون» (نور الثقلين ٥ : ٤٩٥ ح ٢٤).
وفي نور الثقلين (٥ : ٤٩٤ ح ٢٣) القمى بالإسناد إلى حمران بن أعين قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) ، قال : هذه في الذين لا يخرجون من النار ، وفيه عن الباقر (ع) مثله.
والخروج من النار بعد مكوث الأحقاب يعني هنا خروج النار عن كيانها وفناءها بفناء أهلها ، فهو خروج عن الوجود ، وهذا هو معنى «لا يخرجون من النار» ، أي : خروجا مع بقاءها.