ومهما يكن من شيء فالذي لا يريبه شك أن الحقب زمن محدود ، عرفناه أم جهلناه ، فجمعه أيضا محدود لا تتصور فيه اللانهاية الزمنية ، التي تدّعي للمكوث في النار ، إضافة إلى سائر المشاكل الدلالية والعقلية في المكوث اللانهائي الحقيقي في النار ، وإلى أن هذه اللانهاية في العذاب ليست جزءا وفاقا ، وكيف الوفاق بين العصيان المحدود والجزاء اللامحدود؟
وهنا في معنى خلود النار وواقعه أقوال عدة بين علماء الإسلام وسواهم ، لا يوافق النقل والعقل منها إلا فناء الآبدون في النار مع النار ، ثم لا نار ولا أهل نار (١).
__________________
(١) وهي ثمانية : ١) «كل من دخلها مخلد فيها أبد الآباد بإذن الله» ذهب إليه الخوارج والمعتزلة وطائفة من الشيعة الامامية.
٢) «أهلها يعذبون فيها مدة ثم تنقلب عليهم ثم تبقى طبيعة نارية لهم يتلذذون بها لموافقتها لطبيعتهم الثانوية» ابن العربي في فصوص الحكم.
٣) «أهلها يعذبون فيها إلى وقت محدود ثم يخرجون منها ويخلفهم قوم آخرون» (عن اليهود) كما ادعوه وأجابهم القرآن (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢ : ٨٠).
٤) «يخرجون منها وتبقى نارا على حالها ليس فيها أحد يعذب» حكاه شيخ الإسلام.
٥) «تفنى النار بنفسها لأنها حادثة بعد أن لم تكن وما ثبت حدوثه استحال بقائه وأبديته» جهم بن صفوان وأتباعه دون فرق بين الجنة والنار.
٦) «تفنى حياتهم وحركاتهم ويصيرون جمادا لا يتحركون ولا يحسون بألم» أبو الهزيل العلاف إمام المعتزلة طردا لامتناع حوادث لا نهاية لها.
٧) «يفنيها ربها تبارك وتعالى ، فإنه جعل لها أمدا» ابن مسعود وأبو سعيد وعمرو و.. وهو القول المرضي لدينا على تفصيل تذكره.
٨) «يخرجون منها وينعمون بعد الخروج» ، عدة من الفلاسفة مثل الصدر والكاشاني وغيرهما.