وفيما روي عن الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم وعن حفيديه الصادق والباقر عليهما السلام تلميح وتصريح أن أبد النار محدود وإن طال الزمن.
وما يروى أن آية الأحقاب في الذين يخرجون من النار يتنافى وكونهم من المكذبين المنكرين للحساب الذين تصرح الآيات بأبديتهم في النار ، فهي إذا من المجعولات مع كونها معارضة برواية أخرى عن نفس الراوي (١).
الماكثون في النار .. المخلدون :
أدلة النقل والعقل والعدل تتناصر في استنكار اللانهاية الفلسفية في العذاب مهما كانت درجة الكفر والطغيان.
فالنقل ـ قرآنيا وفي السنة ـ لا يساعد الخلود اللانهائي في النار ، والمروي عن الإمام الصادق عليه السّلام أنه أجاب في السؤال عن الخلود في الجنة والنار : إنما خلّد أهل النار في النار لأن نياتهم كانت في الدنيا لو خلّدوا فيها أن يعصوا الله أبدا ما بقوا فالنيات تخلّد هؤلاء وهؤلاء ، ثم تلا قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) قال : على نيته (٢).
هذا الحديث مضروب عرض الحائط ، على وحدته ومعارضته القرآن : أن النية السوء لا تحقق الجزاء السوء ، فلا عقاب إلا على الكفر والعمل السوء : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) (٤ : ١٢٣) (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
__________________
(١) نور الثقلين (٥ : ٤٩٥ ـ ٢٦) روى العياشي باسناده عن حمران قال : سألت أبا جعفر (ع) عن هذه الآية (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) فقال : هذه في الذين يخرجون من النار ، وروى الأحول مثله ويعارضه ما رواه حمران نفسه قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن هذه الآية قال : هذه في الذين لا يخرجون من النار.
أقول : ولعل النقل الأول خطأ بزيادة «لا» *.
(٢) بحار الأنوار ج ٨ ص ٢٩٢ ج ٣٤ عن علي بن ابراهيم القمي.