فيها دون أيّ مقابل : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) (٦ : ١٥٢) (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (٤ : ١٠).
فمن يدفع اليتيم عن حق الإحسان اليه والإكرام له ، ومن يدفعه عن إشراكه ويدعّه في الرحمة العائلية ، ومن يدعّه عن إصلاحه وإصلاح حاله وماله ، ومن يدعّه عن ماله فيأكله ظلما ، فهذا الذي يكذب بالدين : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ).
قال ابن جريح : نزلت في أبي سفيان ، كان ينحر جزورين في كل أسبوع فأتاه يتيم فسأله لحما فقرعه بعصاه ، وقال مقاتل : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وكان من صفته الجمع بين التكذيب بيوم القيامة والإتيان بالأعمال القبيحة ، وحكى الماوردي أنها نزلت في أبي جهل ، كان وصيا ليتيم فجاءه وهو عريان يسأله شيئا من مال نفسه فدفعه ولم يعبأ به فأيس الصبي.
وقيل وقيل .. ولكنما الآية تأبى الإختصاص بمن نزلت في شأنه ، إنها تعم كل سفياني يقرع اليتامى ، وكل أبي جهل يجهل حقوقهم ، فإنّ دعّ اليتيم ودفعه عن حقه هو من ظواهر التكذيب بالدين ، مهما كان اليتيم يتيما في الدنيا أو الدين.
إنه ليست اللامبالاة بشأن العبادة ـ فقط ـ هي التكذيب بالدين ، فإنها تكذيب به ، سواء بحق الخالق أو الخلق ، فالدين يجمع بين الحقين ، كما السورة تجمع بينهما ، ابتداء بحق الخلق وانتهاء به ، ويوسط حق الخالق هنا إشارة إلى أن الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى الله أحبهم إلى عياله المحتفين به ، كما احتفت اليتامى والمساكين وذوي الحاجة بعبادة الله.
(وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) :
ليس إطعام المسكين هو الفرض فقط ، بل الحض على طعامه أيضا ، والمحاضة