(الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) :
عن صلاتهم ـ لا ـ في صلاتهم ، إذ إن الإنسان ، كائنا من كان ، قد يسهو في صلاته ، في شرائطها وأجزائها ، إلا من عصمه الله ...
والتنديد هنا بالساهين عن صلاتهم : فقد يصلون إذا حضروا وقد لا يصلون إذا غابوا ، يحسبون صلواتهم كأهون ما يبغون ، فهكذا سهو عن الصلاة مبدأه اللامبالاة بشأن الصلاة ، سهو عامد ، ونسيان مقصود ، وتساهل متقصّد ، كل ذلك لأنه مكذب بطاعة الله ، لا يعتبر طاعته أصلا في الحياة ، ولا أصلا من أصول الحياة ، ولا فرعا لازما ، وإنما في هامش الحياة ، إذا ما أضرّت الصلاة بسائر ما يعملون ، فلو أضرت بها لرفضوها وتركوها بتاتا.
وقد يشمل السهو عن الصلاة ـ إضافة إلى التساهل عنها ـ التساهل في شرائطها وأجزائها ووقتها ، كما يروى عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قوله في الآية : «هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها» (١) وكذلك السهو عن الصلاة معنويا ، كان يشتغل في الصلاة بغير الله ، أو لا يرجو من صلاته خيرا (٢).
وهذه هي صلاة المنافقين ، الذين يتظاهرون بالإيمان ولما يدخل الإيمان في قلوبهم :
__________________
(١) الدر المنثور ج ٦ ص ٤٠٠.
(٢) لما نزلت هذه الآية : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) قال رسول الله (ص): الله أكبر هذه الآية خير لكم من أن يعطي كل رجل منكم جميع الدنيا ، هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته وإن تركها لم يخف ربه.
وعن أمير المؤمنين (ع) فيما علم أصحابه من الأربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه : ليس عمل أحب إلى الله عز وجل من الصلاة فلا يشغلنكم عن أوقاتها شيء من أمور الدنيا ، فإن الله عز وجل ذم أقواما فقال : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) يعني أنهم غافلون استهانوا بأوقاتها(نور الثقلين ٥ : ٦٧٧ ح ٤) .. وعن الصادق (ع) مثله (المصدر نفسه ح ٣).