فما هو البرد وما هو الشراب؟
البرد كل ما يبرد الجسم ـ ظاهره وباطنه ـ من هواء بارد ، وريح ناعمة ، وظل ظليل ، ومن ماء يغمسه أو يغسل به بدنه أو يشربه .. لا يذوقونه ذوقا ، في أيّ من هذه ، فضلا عن أن يستفيدوا منه بشرب أم سواه.
بردا يعم الشراب وسواه ـ (وَلا شَراباً) يبرد الباطن فيريح الظاهر ، شرابا ينوب البرد في التبريد ـ أيّ تبريد ـ لا يذوقونه فضلا عن شربه.
ليس للطاغين برد ولا شراب إلا حميم وغساق : الماء الساخن الذي يشوي الوجوه والخلوق والبطون : (بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) .. فهذا هو بردهم ، والغساق الذي يغسق من أجساد المحروقين ويسيل ، ويغسق على الإنسان حياته كغسق الليل ، وهذا هو شرابهم : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) (١٨ : ٢٩).
جزاء وفاقا : إن جهنم المرصاد المآب ، ولبثها الأحقاب ، وعدم ذوق البرد ولا الشراب ، كل ذلك جزاء وفاق ، لا يزيد عما قدموا لأنفسهم أو قد ينقص.