كتاب وكتب إلهية تضبط كل شيء دون مغادرة ولا مثقال ذرة : (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (١٨ : ٤٨) (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (٣ : ٣٠).
وكل شيء أحصيناه كتابا : إحصائا كتابيا في إمام مبين : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (٣٦ : ١٢) وعلّه كتب الأعمال أو تشملها وما في اللوح المحفوظ .. كتب الأعمال : النفسية والأرضية ، وشهود الأعمال ملائكية ورسالية ورسولية .. شهود وشهود تشهد بالحق دون إمكانية النكران بحقهم ، فإنهم يشهدون علينا معنا : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (٢٤ : ٢٥ ـ ٢٦).
(فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) : ذوقوا أعمالكم لا أقل ولا أكثر ، فنفس الأعمال بظهورها في حقائقها ، هي الجزاء لا سواها : و (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٧ : ٩٠) فلن نزيدكم باستدعاء الغفران إلا عذابا تستحقونه ، جزاء وفاقا ، إذ إنكم ما كنتم تزدادون ـ على ضوء الآيات البينات ـ إلا كذابا (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ).
فأصل العذاب بأصل الطغيان ، وازدياده بازدياده ، كل على حسبه ولا ظلم اليوم.
فهؤلاء هم الطاغون ، ثم ما هي حال المتقين؟ (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً ..).
* * *