والحسد انفعال نفساني وجاه نعم الله على بعض العباد زائدا على سواهم ، مع تمني زوالها ، ونحن نستعيذ من شر الحاسد إذا حسد : أبرز انفعاله بشكل من الأشكال في النيل من المحسود.
صحيح أن الحسد شر نفساني ، ولكنه لا يتعدى الحاسد إلى المحسود ما لم يحسد ويوجه انفعاله النفسي إلى المحسود.
ولكي نأمن كيد الحاسدين ، علينا أن نخفي النعم المحسود عليها ـ ما أمكن ـ عنهم ، أو نبرد ونخمد نيران الأحقاد بمياه الأخلاق الطيبة والعشرة الحسنة والموعظة الصالحة ، أو ـ أخيرا ـ بل : أولا وأخيرا : نعوذ برب الفلق : .. ولكي يفلق حسد الحاسد ويدفع شره ، وبعد ما كلّت محاولا تنافي دفعه.
إن الحسد ـ أيا كان ـ إنه حماقة وسوء ظن بالله ومعارضة للقدر ، كما عن الرسول الأقدس : «كاد الحسد أن يغلب القدر» فإذ يفضل الله عبدا من عباده على غيره لاستحقاق معروف أم غير معروف ، أم لما يراه من مصلحة فردية أو جماعية ، فالحسد إذ ذاك اعتراض على الله ، فليحاول الحاسد أن يبلغ بسعيه مبلغ المحسود لكي يؤتيه الله من فضله كما آتى المحسود ، إن كان مما يحصل بالسعي تماما ، أو يحاول للوصول إلى ما أشبهه ، وأما أن يجمد على حاله ثم يحسد ويحاول في إزالة النعمة عن المحسود بشتى المحاولات والحيل ، فهذه معارضة فكرية وعملية ضد الألوهية : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٤ : ٥٥) :
نزلت في جماعة من اليهود الذين حسدوا الرسول الأقدس محمدا صلّى الله عليه وآله وسلّم على اصطفائه بالرسالة الأخيرة ، ومن حقدهم على هذه الرسالة السامية أنهم كانوا يفضلون المشركين على المسلمين : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ