كل ذلك كان قبل خلق السماء سبعا كما تفصلها الآيات في «فصلت» * : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٤١ : ٩ ـ ١٢).
فخلق السماوات السبع متأخر عن خلق الأرض وتعميرها بمرحلة ، وخلق أنجمها بما فيها الشمس متأخر عنه بمرحلتين.
بناها من مادتها المنبثقة عن المادة الأولية «ماء» * باضطرامها ، وهي الغاز «الدخان» (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) .. بناها وسواها من ذلك الغاز ، أن (رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها).
فهنا بنا آن : بناء السماء ، وبناء السبع الشداد ، والآيات هذه بصدد بيان البناء الأول ، ولقد نبأتنا عن البناء الثاني ـ من قبل ـ سورة النبأ.
(رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها) :
والسمك هو الطاق المسموك بما يسمكه ويمسكه من السقوط ، وهو هنا عمد لا ترونها ، كما السماوات أيضا بأنجمها : (رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) (١٣ : ٢). فسمك السماء قبل السبع ، وسمك السماوات السبع ، إنهما كليهما (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) فثمّ عمد ولكن لا ترونها وعلى حد تفسير باقر العلوم عليه السّلام.
«فسواها» * سماء يرفع سمكها ، فلو لا سمكها لم تكن سماء ، بل كانت تتساقط إلى أعماق الأجواء كما سوف تتناثر الكواكب عند قيامتها واسترجاع سمكها وجاذبيتها.