بن الحنفية رسول الله ، وأن الحج والعمرة إلى بيت المقدس ، وافتتن به جماعة من الجهّال وأهل البراري ، وقويت شوكتهم حتى انقطع الحج من بغداد بسببه وبسبب ولده أبي طاهر ، فإن ولده أبا طاهر بنى بيتا بالكوفة سماه : دار الهجرة ، وكثر فساده واستيلاؤه على البلاد وقتله المسلمين ، وتمكنت هيبته من القلوب ، وكثر فساده وأتباعه ، وذهب إليه جيش الخليفة المقتدر بالله السادس عشر من [خلفاء](١) بني العباس غير (٢) مرة وهو يهزمهم ، ثم إن المقتدر سيّر ركب الحجاج إلى مكة فوافاهم أبو طاهر يوم التروية فقتل الحجيج بالمسجد الحرام وفي جوف الكعبة قتلا ذريعا ، وألقى القتلى في بئر زمزم ، وضرب الحجر الأسود بدبوسه (٣) فكسره ، ثم اقتلعه وأخذه منه ، وقلع الباب ـ أي باب الكعبة ـ وأخذ كسوتها وقسمها بين أصحابه ، وهدم قبة زمزم. انتهى ما ذكره الحلبي (٤).
وذكر شيخنا في حاشيته على توضيح المناسك قال : وفي الخفاجي على الشفا : أن القرامطة طائفة من الملحدين ، وهم من أهل هجر (٥) والحسا ، وأصلهم رجل من سواد الكوفة يقال له : قرمط ، وهو حمدان بن قرمط ، وسبب ظهورهم : أن جماعة من أولاد بهرام جور ، وذكروا بأنهم وجدودهم وما كانوا عليه من العز والملك وزوال ذلك بدولة الإسلام ، وقسموا الدنيا أربعة أقسام ، لكل رجل منهم ربع ، فذهب واحد إلى الكوفة
__________________
(١) قوله : خلفاء ، زيادة من السيرة الحلبية (١ / ٢٧٨).
(٢) في الأصل والسيرة الحلبية زيادة : «ما».
(٣) الدبوس : هو عمود على شكل هراوة مدملكة الرأس ، معرب. انظر : (المعجم الوسيط ١ / ٢٧٠).
(٤) السيرة الحلبية (١ / ٢٧٨).
(٥) هجر : مدينة في البحرين. وقيل : ناحية البحرين كلها هجر (معجم البلدان ٥ / ٣٩٣).