فجاء العبيديون وهم الذين يسمونهم العوام : الفواطم ، وهم روافض جدّهم يهودي حداد ـ كذا قال القاضي عبد الجبار البصري ـ ، وأقاموا دولة الروافض في أقاليم المغرب ومصر والعراق ، وذلك أن صاحب مصر نائب المطيع من بني العباس لما مات اختلّ النظام ، وقلّت الأموال على الجند ، فكتب جماعة إلى المعزّ يطلبون منه عسكرا ليسلموا إليه مصر ، فأرسل مولاه جوهرا في مائة ألف فارس فملكها وأخرج القرامطة وأخذ الشام ، وجوهر هذا هو الذي بنى الجامع الأزهر ، وابتدأ في بنائه في ربيع الآخر سنة ثلاثمائة [وتسع](١) وخمسين ، وفرغ في رمضان سنة ثلاثمائة [وإحدى وستين](٢). انتهى.
وفي درر الفرائد في سنة [سبع عشرة](٣) وثلاثمائة (٤) : لم يشعر الناس في يوم الاثنين يوم التروية ـ وقيل : في يوم السابع من ذي الحجة ـ إلا وقد وافاهم صاحب البحرين عدو الله تعالى أبو طاهر سليمان بن ربيعة الحسن القرمطي (٥) مكة في ناس من أصحابه فدخلوا المسجد الحرام ، وأبو طاهر سكران راكبا فرسا وبيده سيف مسلول ، فصفّر لفرسه فبال عند البيت ، وأسرف هو وأصحابه في قتل الحجّاج وأسرهم ونهبهم مع هتكه لحرمة
__________________
(١) في الأصل : وتسعة.
(٢) في الأصل : وتسعة وخمسين. والتصويب من : تاريخ الخلفاء (ص : ٤٠٢).
(٣) في الأصل : سبعة عشر.
(٤) درر الفرائد (ص : ٢٣٤ ـ ٢٣٧) ، وانظر : (إتحاف الورى ٢ / ٣٧٤ ـ ٣٧٩ ، والإعلام ص :
١٦٢ ـ ١٦٥).
(٥) هو : أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسن الجنّابي الهجري القرمطي ، خارجي طاغية جبار. قال الذهبي في وصفه : «عدو الله ، الأعرابي الزنديق» ، قتل الحجيج حول الكعبة وفي جوفها ، واقتلع الحجر الأسود وأخذه معه إلى هجر (انظر : البداية والنهاية ١١ / ٢٠٨ ، والمنتظم ٦ / ٣٣٦ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٢٢٥).