تقديم
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله الذي شرّف هذه الأمة بخير البشر ، سيّدنا محمد القائل : «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» فبلغت به صلىاللهعليهوسلم السّدة العلية ، ونالت به درجة الشرف على الأمم السابقة القبلية ، بقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ). وصلّى الله على النبي القدوة ، محمد صلىاللهعليهوسلم خير أسوة ، قال تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). فله الحمد أن بعث لنا هذا النبي على فترة من الرّسل ، فهدانا به إلى خير السّبل ، فقال سبحانه (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). ورضي الله تبارك وتعالى عن أصحابه الذين آزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه ، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :
فكتاب «تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام والمشاعر العظام ومكة والحرم وولاتها الفخام» كتاب جليل ، حمل إلينا كلّ معنى جميل ، تعلّق بمكة المكرمة ، وسلك صاحبه في الحديث عن المشاعر أحسن سلوك ، فأفاد منه الجميع ، لما تضمن من القول البديع ، فهو كتاب طيب الجذوع ، مثمر الفروع ، عذب الينبوع ، ألّفه محمد بن أحمد بن سالم المكي المالكي المعروف بالصباغ ، فكان طيب المساغ ، جمعه من كتب لطيفة ، وبسطه بطريقة ظريفة ، فجاء سهل العبارة ، واضح الإشارة ، ظاهر الدليل ، موضح السبيل ، بين فيه المؤلف مقصده ، بقوله في أوله : «ولمّا وفقني الله لطلب العلم الشريف ، وجعلني من جيران بيته المنيف ، تشوفت نفسي للاطلاع على علم الآثار ، وإلى فنّ التاريخ والأخبار ، فلمّا طالعت ذلك