مآثر نبيه صلىاللهعليهوسلم ، والناس يدخلون غار جبل ثور من بابه الضيق ويقولون : من لم يدخل منه ليس ابن أبيه. ذكره القرشي (١).
ثم قال : وقد وسّع الباب الضيق في زماننا ؛ لأن بعض الناس انحبس به لما ولج ، فلم يقدر أن يخرج ولا يدخل ، ومكث على ذلك قريبا من ليلة حتى راحوا إليه الحجّارون ، ووسّعوا عنه ، وقطعوا عنه الحجر من الجوانب ، فانفتح حتى اتسع الموضع. انتهى (٢).
وذكر القطب (٣) : أن هذا الغار مشهور يتلقاه الخلف عن السلف فيدخلون إليه الناس من بابه الكبير الذي يروى أن جبريل عليهالسلام ضربه بجناحه ففتحه ، وقلّ أن يدخل إليه أحد من بابه الضيق ؛ لأن الدخول منه عسر ويحتاج إلى فطنة.
والمشهور عند العوام : أن من احتبس فيه لا يكون ابن أبيه ، وذلك كلام باطل لا أصل له ، وقد تعوق فيه بعض الناس قديما وحديثا وقد حبس فيه بحضرتنا ناس وأخذ لهم الحجّارون من مكة فقطعوا عنهم ، وتكرر ذلك كثيرا في كل عصر ، ومع ذلك لا يتسع كثيرا بل يتعوق الناس فيه للجهل بكيفية الدخول خصوصا إذا كان بطنا. وطريقة الدخول : أن الداخل إليه ينبطح على وجهه ويدخل رأسه وكتفيه ، ثم يميل إلى جانب يساره فلا يجد ما يعوقه ، ويسلك مائلا إلى اليسار. وأما من لم يعرف طريقة الدخول فيدخل برأسه وكتفيه ، ويستمر داخلا بباقي جسده ، فتصادفه صخرة قدامه
__________________
(١) البحر العميق (٣ / ٢٩٤ ـ ٢٩٦).
(٢) البحر العميق (٣ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧).
(٣) الإعلام (ص : ٤٥٠ ـ ٤٥١) ، وانظر : البحر العميق ، الموضع السابق.