قال الغزالي في الإحياء : كره الصف الأول ؛ لأنه [يشتهر](١) ، فيفتقد إذا غاب ، فيختلط بعمله التزين والتصنع. انتهى (٢).
وقد جاور بها خلق كثيرون ، وسكنها من المعوّل عليهم بشر كثيرون ، واستوطن بها من الصحابة أربعة وخمسون رجلا. ذكرهم أبو الفرج في مثير الغرام (٣).
ومات بها أيضا من الصحابة ومن كبار التابعين ومن بعدهم جم غفير. ذكره المحب الطبري في القرى (٤) ؛ فمن أراد ذلك فلينظره ثمة. انتهى من البحر العميق للقرشي (٥).
ثم قال : فينبغي لكل من هو بمكة من أهلها والمجاورين بها من الحجاج والزوار أن يقدروا قدرها ويعظموا حرمتها وحرمة البيت ، ويلاحظ سرّها ويتأمل فضيلتها ، ويستقيم ما أصبح به من نعمة جوار هذا البيت ، ويشكر القيام بحقه ، ويجتنب كثيرا من المباحات التي لا يليق عن حل لقطها ، وينزه عن اللهو واللعب والترفهات التي لا خير فيها ، فإنها بلد عبادة لا بلد رفاهة ، ومكان اجتهاد لا مكان راحة ، ومحل [تيقظ وفكرة](٦) لا محل سهو وغفلة.
وقد روي : أن المهدي لما ولي الخلافة أمر بنفي نفر من المغنيين ، ومنع ما
__________________
(١) في الأصل : شهير. والتصويب من إحياء علوم الدين (١ / ٢٤٥) ، والبحر العميق (١ / ١٧).
(٢) إحياء علوم الدين (١ / ٢٤٥).
(٣) مثير الغرام (ص : ٤٣٤) في باب ذكر المجاورة بمكة.
(٤) القرى (ص : ٦٦٢).
(٥) البحر العميق (١ / ١٦ ـ ١٧).
(٦) في الأصل : يتعضل فكره ، والمثبت من البحر العميق (١ / ١٧).