ثم ولي مكة بعده بالتغليب : أبو حمزة الخارجي ؛ واسمه : المختار بن عوف الخارجي (١) بالتغليب بعد الحج سنة مائة [وتسع](٢) وعشرين ، وحاصله لم يشعر الناس إلا وقد طلع عليهم من جبال عرفة من طريق الطائف أعلام وعمائم سود على رؤوس الرماح وهم عشرة آلاف ، أرسلهم عبد الله بن يحيى الأعور الكندي ؛ المسمى : طالب الحق (٣) ، ومقدمهم أبو حمزة الخارجي ، ففزع الناس حين رأوهم وسألوهم عن حالهم ، فأخبروهم أنهم تبرؤوا من بني مروان ، وكان إذ ذاك واليا على مكة عبد الواحد بن سليمان ، فطلب منهم الهدنة حتى تنقضي أيام الحج ، فوقف الناس بعرفة على حدة ، ودفع بالناس عبد الواحد ، فنزل بمنى ، ثم مضى على وجهه وترك فسطاطه (٤) ، وسار إلى المدينة فدخل مكة أبو حمزة بغير قتال ، فقال بعضهم هذين البيتين (٥) :
زار الحجيج عصابة قد خالفوا |
|
دين الإله ففرّ عبد الواحد |
__________________
(١) أبو حمزة الخارجي : المختار بن عوف. ثائر فتّاك ، إباضي المذهب. ولد بالبصرة. كان يفد إلى مكة ويدعو الناس للخروج على مروان. التقى بطالب الحق وبايعه بالخلافة في حضرموت ، ثم استولى على مكة والمدينة ، وتابع زحفه إلى الشام حتى لقبه عبد الملك السعدي ، وقتله عام ١٣٠ ه. (انظر ترجمته في : شفاء الغرام ٢ / ٣٠٠ ، وغاية المرام ١ / ٢٨٦ ، والعقد الثمين ٦ / ٤٥ ، وتاريخ خليفة ٣٨٤ ـ ٣٨٧ ، والأعلام للزركلي ٥ / ١٤٦).
(٢) في الأصل : تسعة.
(٣) عبد الله بن يحيى : من أهل اليمن. إباضي. خلع طاعة مروان بن محمد ، وبويع له بالخلافة في اليمن ، وتبعه أبو حمزة ، فقتلهما عبد الملك بن محمد السعدي عام ١٣٠ ه (الكامل لابن الأثير ٥ / ٢٣ ، والأعلام ٤ / ١٤٤).
(٤) الفسطاط : الخيمة أو القبّة التي ينزل فيها رئيس القوم. بها سميت مدينة الفسطاط بمصر ، التي قامت القاهرة على بقاياها (معجم الكلمات الأعجمية والغريبة للبلادي ص : ٧٩ ـ ٨٠).
(٥) انظر البيتين في : تاريخ الطبري (٤ / ٣١٨).