في القاعدة الكلية التي تختم بها قصة آدم : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) فبعد أن قرر الله عزوجل في المقدمة ما قرر ، تأتي قصة آدم فكأنها تقول : إن اتباع هداي هو شرطي عليكم من الابتداء ، ومن ثم فقصة آدم تعمق قضية الاهتداء بكتاب الله ، وتحذر من قضية المخالفة والكفر ، وهي في الوقت نفسه تعمق معنى الصراط المستقيم والسير فيه ، ومعنى تنكب صراط المغضوب عليهم والضالين الذي ورد في آخر فقرة من الفاتحة.
ـ رأينا أنه قد جاء بعد مقدمة سورة البقرة مقطع : في بدايته أمر ونهي. الأمر : هو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ.)
والنهي هو قوله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.)
وفي قصة آدم نجد أمرا ونهيا.
الأمر هو (اسْجُدُوا لِآدَمَ.)
والنهي هو (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ.)
وقد حدثت مخالفة للأمر والنهي فكان العقاب ، فقصة آدم جاءت لتعمق ضرورة الالتزام بطاعة الأمر واجتناب النهي.
وفي هذا القدر من ذكر الصلة بين قصة آدم وما سبقها من سورة البقرة كفاية وللكلام تتمة فلننتقل إلى ذكر التفسير :
٢ ـ التفسير :
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (إذ) بإجماع المفسرين متعلقة بفعل أمر تقديره (اذكر) فأن يأمرنا الله عزوجل بعد ما مر من مقدمة السورة والمقطع الأول بتذكر هذه القصة ، فذلك دليل على ارتباط هذه القصة بما قبلها ، وورودها ضمن سياق متسلسل يخدم المعاني التي سبقتها كما رأينا ، وكما سنرى. والمراد بالخليفة في الآية : آدم وذريته ولم يقل خلائف أو خلفاء لأنه أريد بالخليفة آدم واستغنى بذكره عن ذكر بنيه كما تستغني بذكر أبي القبيلة في قولك مضر وهاشم ، وهل هو خليفة عن الله؟ أو خليفة عن الجن؟ أو خليفة عن خلق آخرين؟ أقوال للمفسرين أقواها الأول وليس هناك نص قطعي في الموضوع ، والخليفة في اللغة : من خلف فلان فلانا في