وكانت رياح الشام تكره مرّة ، |
|
فقد جعلت تلك الرياح تطيب |
هنيئا لخوط من بشام يرفّه |
|
إلى برد شهد بهنّ مشوب |
بما قد تسقّى من سلاف وضمّه |
|
بنان كهدّاب الدّمقس خضيب |
إذا تركت وحشيّة النجد لم يكن |
|
لعينيك مما تشكوان طبيب |
عَلِيّاباذ : معناه عمارة عليّ : عدة قرى بنواحي الريّ ، منها واحدة تحت قلعة طبرك والباقي متفرّق في نواحيها ، كذا خبّر ابن الرازي.
عُلْيَبٌ : بضم أوله ، وسكون ثانيه ثم ياء مثناة من تحت مفتوحة ، وآخره باء موحدة ، العلوب : الآثار ، وعلب النبت يعلب علبا فهو علب إذا جسا ، وعلب اللحم إذا غلظ ، والعلب : الوعل الضخم المسنّ ، وأما هذا الوزن وهذه الصيغة فلم يجيء عليهما بناء غير هذا ، وقال الزمخشري فيما حكاه عنه العمراني : أظن أن قوما كانوا في هذا الموضع نزولا فقال بعضهم لأبيه : عل يا أب ، فسمي به المكان ، وقال المرزوقي : كأنه فعيل من العلب وهو الأثر والوادي لا يخلو من انخفاض وحزن ، وقال صاحب كتاب النبات : عليب موضع بتهامة ، وقال جرير :
غضبت طهيّة أن سببت مجاشعا |
|
عضّوا بصمّ حجارة من عليب |
إن الطريق إذا تبيّن رشده |
|
سلكت طهيّة في الطريق الأخيب |
يتراهنون على التيوس كأنما |
|
قبضوا بقصّة أعوجيّ مقرب |
وقول أبي دهبل يدل على أنه واد فيه نخل ، والنخل لا ينبت في رؤوس الجبال لأنه يطلب الدّفء :
ألا علق القلب المتيّم كلثما |
|
لجوجا ولم يلزم من الحب ملزما |
خرجت بها من بطن مكة بعد ما |
|
أصات المنادي للصلاة وأعتما |
فما نام من راع ولا ارتد سامر |
|
من الحي حتى جاوزت بي يلملما |
ومرّت ببطن الليث تهوي كأنما |
|
تبادر بالإصباح نهبا مقسّما |
وجازت على البزواء والليل كاسر |
|
جناحيه بالبزواء وردا وأدهما |
فما ذرّ قرن الشمس حتى تبيّنت |
|
بعليب نخلا مشرفا ومخيّما |
ومرّت على أشطان روقة بالضحى |
|
فما جرّرت بالماء عينا ولا فما |
فما شربت حتى ثنيت زمامها ، |
|
وخفت عليها أن تجنّ وتكلما |
فقلت لها : قد بعت غير ذميمة ، |
|
وأصبح وادي البرك غيثا مديّما |
قال موسى بن يعقوب : أنشدني أبو دهبل هذا الشعر فقلت : ما كنت إلا على الريح يا عم ، فقال : يا ابن أخي إن عمك كان إذا همّ فعل ، وقال أبو دهبل أيضا :
لقد غال هذا اللحد من بطن عليب |
|
فتى كان من أهل الندى والتكرّم |
وقال ساعدة بن جؤيّة الهذلي :
والأثل من سعيا وحلية منزل |
|
والدّوم جاء به الشّجون فعليب |