عبد الله المرزباني حدثني أبو حازم القاضي قال : قال لي أحمد بن المدبّر أبو الحسن لو عمّرت مصر كلها لوفت بالدنيا ، وقال لي : مساحة مصر ثمانية وعشرون ألف ألف فدّان وإنما يعمل فيها في ألف ألف فدّان ، وقال لي : كنت أتقلّد الدواوين لا أبيت ليلة من الليالي وعليّ شيء من العمل ، وتقلّدت مصر فكنت ربما بتّ وعليّ شيء من العمل فأستتمه إذا أصبحت ، قال : وقال لي أبو حازم القاضي : جبى عمرو بن العاص مصر لعمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، اثني عشر ألف ألف دينار فصرفه عثمان وقلّدها عبد الله بن أبي سرح فجباها أربعة عشر ألف ألف ، فقال عثمان لعمرو : يا أبا عبد الله أعلمت أن اللّقحة بعدك درّت؟ فقال : نعم ولكنها أجاعت أولادها ، وقال لنا أبو حازم : إن هذا الذي رفعه عمرو بن العاص وابن أبي سرح إنما كان عن الجماجم خاصّة دون الخراج وغيره ، ومن مفاخر مصر مارية القبطية أمّ إبراهيم ابن رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، ولم يرزق من امرأة ولدا ذكرا غيرها وهاجر أم إسماعيل ، عليه السّلام ، وإذا كانت أمّ إسماعيل فهي أم محمد ، صلّى الله عليه وسلّم ، وقال النبي ، صلّى الله عليه وسلّم : إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم صهرا ، وقرأت بخط محمد بن عبد الملك النارنجي حدثني محمد بن إسماعيل السلمي قال : قال إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف وهو ابن عم أبي عبد الله محمد بن إدريس بن العباس الشافعي قال : كتبت إلى أبي عبد الله عند قدومه مصر أسأله عن أهله في فصل من كتابي إليه فكتب إليّ : وسألت عن أهل البلد الذي أنا به وهم كما قال عباس بن مرداس السّلمي :
اذا جاء باغي الخير قلن بشاشة |
|
له بوجوه كالدنانير : مرحبا |
وأهلا ولا ممنوع خير تريده ، |
|
ولا أنت تخشى عندنا أن تؤنّبا |
وفي رسالة لمحمد بن زياد الحارثي إلى الرشيد يشير عليه في أمر مصر لما قتلوا موسى بن مصعب يصف مصر وجلالتها : ومصر خزانة أمير المؤمنين التي يحمل عليها حمل مؤنة ثغوره وأطرافه ويقوّت بها عامّة جنده ورعيته مع اتصالها بالمغرب ومجاورتها أجناد الشام وبقية من بقايا العرب ومجمع عدد الناس فيما يجمع من ضروب المنافع والصناعات فليس أمرها بالصغير ولا فسادها بالهين ولا ما يلتمس به صلاحها بالأمر الذي يصير له على المشقة ويأتي بالرفق ، وقد هاجر إلى مصر جماعة من الأنبياء وولدوا ودفنوا بها ، منهم : يوسف الصدّيق ، عليه السّلام ، والأسباط وموسى وهارون ، وزعموا أن المسيح ، عليه السّلام ، ولد بأهناس ، وبها نخلة مريم ، وقد وردها جماعة كثيرة من الصحابة الكرام ، ومات بها طائفة أخرى ، منهم : عمرو بن العاص وعبد الله بن الحارث الزبيدي وعبد الله بن حذافة السهمي وعقبة بن عامر الجهني وغيرهم ، قال أمية : يكتنف مصر من مبدئها في العرض إلى منتهاها جبلان أجردان غير شامخين متقاربان جدّا في وضعهما أحدهما في ضفّة النيل الشرقية وهو جبل المقطّم والآخر في الضّفّة الغربية منه والنيل منسرب فيما بينهما من لدن مدينة أسوان إلى أن ينتهيا إلى الفسطاط فثمّ تتّسع مسافة ما بينهما وتنفرج قليلا ويأخذ المقطم منها شرقا فيشرف على فسطاط مصر ويغرب الآخر على وراب من مسلكيهما وتعريج مسلكيهما فتتسع أرض مصر من الفسطاط إلى ساحل البحر الرومي الذي عليه الفرما وتنّيس ودمياط ورشيد والإسكندرية ،