العرب في بواديها ومخالفها لا يسلكها إلا الخواصّ منهم ، وأما أهل حضرموت ومهرة فإنهم يقطعون عرض بلادهم حتى يتصلوا بالجادّة التي بين عدن ومكة ، والمسافة بينهم إلى الأمصار بهذه الجادة من نحو الشهر إلى الخمسين يوما ، وأما طريق عمان إلى مكة فهو مثل طريق دمشق صعب السلوك من البوادي والبراري القفر القليلة السكان وإنما طريقهم في البحر إلى جدّة فإن سلكوا على السواحل من مهرة وحضرموت إلى عدن بعد عليهم وقلّ ما يسلكونه ، وكذلك ما بين عمان والبحرين فطريق شاقّ يصعب سلوكه لتمانع العرب فيما بينهم فيه.
مُكَيْمِنٌ : تصغير مكمن ، يقال له مكيمن الجمّاء : في عقيق المدينة ، وقد رده إلى مكبره سعيد بن عبد الرحمن بن حسّان بن ثابت في قوله :
عفا مكمن الجمّاء من أم عامر ، |
|
فسلع عفا منها فحرّة وأقم |
وجاء به عدي بن الرقاع على لفظه فقال :
أطربت أم رفعت لعينك غدوة |
|
بين المكيمن والزّجيج حمول |
رجلا تراوحها الحداة فحبسها |
|
وضح النهار إلى العشيّ قليل |
باب الميم واللام وما يليهما
المَلا : بالفتح ، والقصر ، وهو المتسع من الأرض ، والبصريون يكتبونه بالألف وغيرهم بالياء ، وينشد :
ألا غنّياني وارفعا الصوت بالملإ ، |
|
فإن الملا عندي يزيد المدى بعدا |
وقد ذكر بعضهم أن الملا موضع بعينه ، وأنشد قول ذي الرمّة ، وقيل لامرأة تهجو ميّة :
ألا حبذا أهل الملا ، غير أنه |
|
إذا ذكرت ميّ فلا حبذا هيا |
على وجه ميّ مسحة من ملاحة ، |
|
وتحت الثياب الخزي لو كان باديا |
وقال ابن السكيت : الملا موضع بعينه في قول كثير :
ورسوم الديار تعرف منها |
|
بالملإ بين تغلمين فريم |
وقال ابن السكيت في فسر قول عدي بن الرقاع :
نسيتم مساعينا الصوابح فيكم ، |
|
وما تذكرون الفضل إلا توهّما |
فإن تعدونّا الجاهليّة إننا |
|
لنحدث في الأقوام بؤسا وأنعما |
فلا ذاك منا ابن المعدّل مرّة |
|
وعمرو بن هند عام أصعد موسما |
يقود إلينا ابني نزار من الملا |
|
وأهل العراق ساميا متعظّما |
فلما ظننّا أنه نازل بنا |
|
ضربنا وولّيناه جمعا عرمرما |
قال : وسمعت الطائي يقول : الملا ما بين نقعاء وهي قرية لبني مالك بن عمرو بن ثمامة بن عمرو بن جندب من ضواحي الرمل متصلة هي والجلد إلى طرف أجإ ، وملتقى الرمل والجلد هنالك يقال له الخرانق ، وضربنا أي جمعنا ، قال الأصمعي : الملا برث أبيض ليس برمل ولا جلد ليست فيه حجارة ينبت العرفج والبركان والعلقى والقصيص والقتاد والرّمث والصّلّيان والنصيّ ، والملا : مدافع السّبعان ، والسبعان : واد لطيّء يجيء بين الجبلين ، والأجيفر : في أسفل هذا الوادي وأعلاه الملا وأسفله الأجفر وهو لسواءة ونمير من بني أسد وكانت الأجفر لبني