يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف : ٢٨] وإنما يجوز القول بأنها بقضائه وقدره مع التقييد بأنّ معنى ذلك أنّه علمها ، وأعلم بها ملائكته ، وكتبها في اللوح المحفوظ ، من غير جارحة يكتب بها ؛ إذ الجوارح لا تجوز عليه تعالى كما تقدم بيانه.
فثبت قولنا : إنهما لفظتان مشتركتان بين معان : بعضها صحيح في أفعال العباد ، وبعضها فاسد. وإنما قلنا : بأن كلّ لفظة هذه حالها فإنه لا يجوز إطلاقها ممن لم تثبت حكمته إلا مع التقييد بما يزيل الإشكال ؛ لأنّ في ذلك إيهام الخطإ ، وإيهام الخطإ لا يجوز. وإنما يجوز إطلاقها في النفي والإثبات ممن تثبت (١) حكمته ، فيجوز ذلك من الله تعالى أو من رسله ؛ لأنّ الحكيم لا يريد بذلك إلا المعنى الصحيح ، دون المعنى الفاسد ، ويزول له بذلك الإشكال ، ويرتفع الإيهام ، فثبت الموضع الثاني.
وأما الموضع الثالث :
وهو في ذكر طرف مما يلائم ذلك من أدلّة الشرع
وما يحكى في ذلك عن الصحابة والتابعين وأهل البيت المطهرين رضى الله عنهم أجمعين.
فالشرع قاض بذلك. فمن ذلك ما روي عن عائشة أنها قالت : كنت أصبّ الماء على يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فسقط الإناء من يدي وكسر ، فقلت : الأمر مفروغ منه ، فغضب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : إن كان الأمر مفروغا منه فلأيّ شيء بعثت ولأي شيء بعث الأنبياء من قبلي.
وروي عن الحسن البصرى عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : لن يلقى الله
__________________
(١) في (ب) : ثبتت.