الذي فسح لك الطريق لزم عليك المضيق. وأجابه الثالث فقال : لا أعرف (١) إلا ما قاله علي عليهالسلام ، وهو قوله كرم الله وجهه : إذا كانت المعصية حتما كانت العقوبة ظلما. وأجابه الرابع فقال : لا أعرف فيه إلا ما قاله علي عليهالسلام ، وهو قوله كرم الله وجهه : ما حمدت الله عليه فهو منه ، وما استغفرت الله منه فهو منك. فلما بلغ ذلك الحجاج بن يوسف قال : قاتلهم الله لقد أخذوها عن (٢) عين صافية (٣).
وعن جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر لعلم الأنبياء عن علي عليهالسلام أنّ رجلا سأله ، فقال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر؟ فقال : بحر عميق فلا تلجه ، قال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر ، قال : بيت مظلم فلا تدخله ، قال : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر؟ قال : أمّا إذا أبيت فهو أمر بين أمرين لا جبر ولا تفويض (٤).
__________________
(١) في (ب) : فيه.
(٢) في (ب) : من.
(٣) خلاصة الفوائد لجعفر ص ٨٣. وميزان الطباطبائي ١ / ١٠٤ ، وعزاه إلى الطرائف.
(٤) ينظر نهج البلاغة ٧٤٦ ، بلفظ : طريق مظلم فلا تسلكوه ، وبحر عميق فلا تلجوه ، وبيت الله فلا تتكلفوه. قال الإمام الناصر الأطروش في البساط ص ١٦٩ : وأما قولهم : ولا تفويض ـ فإن كثيرا من الناس قد غلطوا واختلفوا في تأويل ذلك والله المستعان. ومعنى قولهم : ولا تفويض ـ لا إهمال كما أهملت البهائم ، وفوض إليها أعمالها ، لم يمتحنها الله ولم يأمرها ولم ينهها ؛ لأن الله سبحانه قد أظهر حكمته بما كان من بلواه ومحنته لعباده بالأمر والنهي بعد التمكين ، والوعد والوعيد والجنة والنار ، والإباحة والحظر ، فهذا هو المنزلة بين المنزلتين التي أراده آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في قولهم : لا إجبار ولا إهمال ، تكلموا بذلك موجزا مختصرا لمن عقل منزلة المحنة والاختبار ، بين التفويض الذي هو الإهمال وبين الاضطرار ... وفي هامش (ب) : يعني لم يجبرهم الله ، ولم يفوضهم ـ أي لم يكل الأمر إليهم ـ سيابا بغير أمر ونهي ، بل أمر تخييرا ونهى تحذيرا وكلفهم يسيرا ، فهم غير مضطرين بل مخيرون.