المحرمات ؛ لما شاهدوه من الدلائل والمعجزات.
ويجوز أن يصرف الله عنهم بالتوفيق والعصمة كثيرا من المحظورات ، كما قال تعالى حاكيا عن يوسف : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) [يوسف : ٣٣]. ثم قال تعالى : (فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [يوسف : ٣٤].
وأما الموضع الرابع :
وهو الكلام في المعجز الدالّ على نبوة الأنبياء (ع)
فالكلام فيه يقع في موضعين : أحدهما في حقيقة المعجز ، وبيان صحة الشروط الداخلة في حقيقته. وثانيهما في جواز ظهور جنس المعجز على غير نبي ، نحو أن يكون إكراما لوليّ ، أو تكذيبا لعدوّ ، أو إرهاصا لنبوة نبي.
أما الموضع الأول فالمعجز في اصطلاح المتكلمين هو الفعل الناقض للعادة الحاصلة من فعل الله تعالى ، وما يجري مجرى فعله المتعلّق بدعوى المدّعي للنبوة. والذي يدل على صحة هذا الحد أنه يكشف عن معنى المحدود على وجه المطابقة ، ولا يفهم في اصطلاح المتكلمين سوى ذلك ؛ ولهذا يطرد المعنى فيه وينعكس. وكلّ ذلك من دلائل صحة الحد.
وإنما اشترطنا في المعجز أن يكون ناقضا للعادة ؛ لأنّ ما هو معتاد لا يكون دلالة على نبوة أحد ؛ إذ نسبته إلى صدق المدعي كنسبته إلى كذبه لعدم الاختصاص به. واشترطنا أن يكون من فعل الله تعالى ، نحو قلب العصا حيّة ، وإخراج النّاقة من جبل ، ونحو ذلك. أو جاريا مجرى فعله بأن يكون بإقداره وتمكينه نحو إقدار المدّعي للنبوة على المشي على الهواء أو على الماء ونحو ذلك ؛ لأن الله تعالى هو الدالّ بالمعجز على صدق رسله فلم يكن بدّ من