أن يكون له تعلّق ، وليس ذلك إلا بأن يكون على ما قلنا ؛ فيكون (١) نسبته إليه أولى من نسبته إلى غيره. واشترطنا أن يكون متعلقا بدعوى المدّعي.
والمراد بذلك أن يكون مطابقا لها ، وعقيبها ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن بأن يدلّ على نبوته أولى من أن يدلّ على نبوة غيره ، ولا بأن يدل على صدقه أولى من أن يدل على كذبه. فما كان على هذه الأوصاف فهو معجز ، ومتى اختل شيء منها فليس بمعجز.
وأما الموضع الثاني وهو في ظهور جنس المعجز على غير نبي نحو أن يكون إكراما لوليّ أو تكذيبا لعدو ، أو إرهاصا لنبوة نبيّ فنحن نعتقد جواز ذلك. وهو قول أهل البيت (ع) ، وهو قول سائر الزيدية.
والذي يدل على ذلك أنه قد وقع ، فلو كان قبيحا لما وقع. وإنما قلنا : بأنه قد وقع لما رواه العلماء نحو ما رواه صاحب الإكليل (٢) : وهو ما أنزله الله تعالى على أعين الناس من التّراب الذي يشبه الطحين من نواحي زبيد (٣) إلى صنعاء إلى الجوف إلى مأرب (٤). وكذلك الظلمة العظيمة الحادثة في زبيد على وجه لا يمكّنهم التصرف بالنهار إلا على المصابيح. قال : وهذان أمران ظاهران حادثان في الزمان القريب.
__________________
(١) في (ب) و (ج) : ويكون.
(٢) في (ب) و (ج) : صاحب كتاب الإكليل. وهو الحسن بن أحمد الهمداني ، ويعرف بابن الحائك ، ولد بصنعاء سنة ٢٨٠ ه ، عالم ، أديب ، مؤرخ ، مشارك في أنواع من العلوم ، توفي سنة ٣٣٤ ه ، وقيل : بل عاش بعدها ، ورجح الشامي أنه توفي سنة ٣٤٠ ه. وله الإكليل في مفاخر اليمن ، والقصيدة الدامغة وشرحها ، وكتاب الجوهرتين العتيقتين في الكيمياء وغيرها. ينظر في ترجمته : تاريخ اليمن الفكري ١ / ١٨٢.
(٣) اسم مدينة بتهامة اليمن تبعد جنوبا يمن بحوالي ١٠٠ ك. بنيت أيام المأمون.
(٤) الجوف ومأرب محافظتان يمنيّتان ناحية الشرق من صنعاء على بعد ١٥٠ ك.