إلى كتبهم ؛ لاشتهار كتبهم عندهم ؛ فإن الصحاح مشهورة ، والفقهاء عن يد يعتمدون على ما فيها ، فألزمنا الخصوم قبول رواية أهل مذهبهم وأئمتهم ليكون أبلغ في الاحتجاج ، وتنكّبنا عن (١) طريق رواية أهل البيت (ع) وشيعتهم الهداة الأعلام على اتساع نطاقها ، وثبوت ساقها ؛ ليعلم المستبصر أن طريق الحق واضحة ، وأعلامه لائحة.
فإذا كان المخالفون يروون في كتبهم أن هذه الآية نازلة في علي عليهالسلام مع رواية سائر الموافقين ـ اتضح بذلك الكلام في الوجه الأول وهو أنها نازلة في علي عليهالسلام.
الوجه الثاني : أنه لا يجوز أن يكون المراد بها غيره ؛ لأن الله تعالى وصف الوليّ في هذه الآية بصفة لم توجد إلا في علي عليهالسلام ، وهي الصدقة بخاتمه في حال الركوع ، ولا يقدح في ذلك كون اللفظ لفظ الجمع في قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) إلى أخره ؛ لأنه إنما ورد بلفظ الجمع تفخيما لشأنه وتعظيما لحاله ، وقد قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩] ؛ فذكر لفظ الجمع هاهنا في خمسة مواضع ، والمراد الحكيم تعالى وحده ، ومثله كثير في اللغة العربية. وجه ثالث وهو أن المعطوف يقتضي غير المعطوف عليه بالاتفاق بين أهل اللغة العربية ، وبعضه للتفخيم عندنا على خلاف في ذلك مع الإطباق على الأول ، فإذا لم يجز عطف قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) على جميع من أريد بالضمير في قوله : (وَلِيُّكُمُ) (٢) ، وحمل على الغير المتفق عليه ، أو
__________________
(١) في (ب) : بحذف «عن».
(٢) يحقق كلام الأمير هنا : فليس وليكم معطوفا ولا معطوفا عليه ، وإنما المعطوف عليه الله ، والمعطوفان رسوله والذين آمنوا والأولى أن يقال : أفادت أن ثمة مولى ومولى عليه ، وهو ضمير المخاطبين في قوله : (وَلِيُّكُمُ) ، ولا يمكن أن يكون المولى والمولى عليه واحدا ، ولعل هذا هو مقصود الأمير الحسين عليهالسلام ، فسبق ذهنه إلى العطف سهوا ، والله ولي التوفيق. تمت مولانا مجد الدين.