البعض المختلف فيه ـ فالغير أو البعض المختلف فيه لا يكون إلا أمير المؤمنين عليهالسلام. ومما يزيد ذلك وضوحا أن الآية أفادت مخاطبا هو الله تعالى ، ومخاطبا هم المؤمنون ، ووليّا هو الله ورسوله وأمير المؤمنين ، وثبت بذلك الموضع الأول وهو في أنها نازلة في أمير المؤمنين.
وأما الموضع الثاني : وهو أن ذلك يفيد معنى الإمامة ؛ فالذي يدل على ذلك أن السابق إلى الأفهام من معنى لفظة وليّ هو المالك للتصرف ، كما يقال : هذا ولي المرأة ، وولي اليتيم ، الذي يملك التصرف عليهما فلما كان الله تعالى مالكا للتصرف في عباده ، وكذلك الرسول ـ وجب مثل ذلك لأمير المؤمنين.
ووجه آخر (١) وهو أنا لو سلّمنا أن لفظة ولي ليست بحقيقة مفردة فيما ذكرناه (٢) بل مشتركة في المالك للتصرف وفي غيره من سائر معانيها ؛ فإنه لا يخلو [إمّا] (٣) أن تحمل على جميع معانيها ـ دخل فيها المالك للتصرف ، وفي ذلك ثبوت الإمامة ، أو لا تحمل على شيء من معانيها وذلك محال ؛ لأنه يلحق كلام الحكيم تعالى بالهذر والعبث [الذي لا فائدة فيه ، أو تحمل على بعض منها معيّن دون بعض من غير مخصّص فهذا لا يجوز ؛ لأنه يكون إثباتا للأحكام] (٤) بغير دلالة. وذلك يفتح باب كل جهالة.
شبهة أوردها الطرثيثي (٥) المعتزلي على الاحتجاج بهذه الآية ، وهي أنه قال ما لفظه : والذي يصحّح ذلك ، يعني أنها لا تدل على الإمامة أنّ قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ) ، لا يجوز أن يكون أراد به إمامكم الله.
__________________
(١) في (ب) و (ج) : وجه.
(٢) في (ب) و (ج) : ذكرنا.
(٣) زيادة من (ب). ظ.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٥) الطريثيثي نسبة إلى طريثيث بلدة بناحية نيسابور ، وفي (ب) : الطريقي نسبة إلى علي بن المنذر الطريقي من أئمة الكوفة.