فروى ابن المغازلي ما رفعه باسناده إلى الوليد بن صالح عن ابن امرأة زيد بن أرقم قال : أقبل نبي الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكة في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة ، فأمر بالدّوحات فقمّ ما تحتهن من شوك ، ثم نادى : الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في يوم شديد الحر وإنّ (١) منّا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه (٢) تحت قدميه من شده الحر حتى انتهينا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فصلى بنا الظهر ، ثم انصرف إلينا فقال : «الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونؤمن به ونتوكل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن أضلّ ولا مضلّ لمن هدى ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله. أما بعد : أيها الناس ، فإنّه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف ما عمّر من قبله ، وإنّ عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة ، وإني قد أشرعت في العشرين ، وإني أوشك أن أفارقكم ، ألا وإني مسئول وأنتم مسئولون فهل بلغتكم؟ فما ذا أنتم قائلون؟».
فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون : نشهد أنك عبد الله ورسوله قد بلّغت رسالاته وجاهدت في سبيله ، وصدعت بأمره ، وعبدته حتى أتاك اليقين ، جزاك الله عنا خير ما جزى نبيّا عن أمته ؛ فقال : «ألستم تشهدون أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأنّ الجنة حقّ ، وأنّ النار حقّ ، وتؤمنون بالكتاب كلّه؟ ، قالوا : بلى ، قال : أشهد أنّكم قد صدقتم وصدّقتموني ، ألا وإني فرطكم وأنكم تبعي يوشك أن تردوا عليّ الحوض فأسألكم حين تلقوني عن ثقليّ ، كيف خلفتموني فيهما؟» ، قالوا : فاعتلّ (٣) علينا ما ندري ما الثقلان؟.
__________________
(١) في جميع النسخ : إنّ ، وأثبتنا ما في المناقب لابن المغازلي.
(٢) في الأصل و (ب) : ويضعه ، وأثبتنا ما في المناقب و (ج) وهو الأصح.
(٣) في (ج) : فأعيل. وهو كذلك في المناقب.