فأصبحت مولاها من الناس كلّهم |
|
وأحرى قريش أن تهاب وتحمدا |
فخاطبه بلفظة مولى ، وهو عند نفسه خليفة مطاع الأمر من حيث اختص بالمعنى الذي احتمله ، وليس أبو عبيدة متّهما بالتقصير في علم اللغة ، ولا مظنونا به الميل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام بل هو معدود في جملة الخوارج. وقد شاركه في هذا التفسير ابن قتيبة (١) ، ومعلوم أنه لا ميل له إليه ، بل هو مائل عنه عليهالسلام ، إلّا أنه لو علم أن الحق في غيره لقاله (٢). وقال الكلبي في قوله تعالى : (مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) ؛ قال : هي أولى بكم (٣). وقد حصل من ذلك غرضنا. ويدل على ذلك قول الله تعالى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) [النساء : ٣٣] ، ولا خلاف بين المفسرين أنّ المراد بالموالي من كان أملك بالميراث وأولى بحيازته وأحقّ به. وقال الفرّاء : إن الولي والمولى في لغة العرب واحد ، ومثله ذكر الأنباري (٤) أيضا ، وقرأ عبد الله بن مسعود : إنّما مولاكم الله ورسوله في الآية الأولى مكان (إِنَّما وَلِيُّكُمُ
__________________
(١) أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ولد سنة ٢١٣ ه. وله مشاركة في جميع العلوم ت ٢٦٧ ه ، وله غريب القرآن ومعانيه ، وغريب الحديث ، وأدب الكاتب ، والإمامة والسياسة ، والمعارف ، وغيرها. أنظر معجم المؤلفين ٢ / ٢٩٧ ، وفيات الأعيان ١ / ٣١٤. وتاريخ بغداد ١٠ / ١٧٠.
(٢) كما فعل في كتابه الإمامة والسياسة مما جعل الكثير يحاول إنكار نسبته إليه.
(٣) ذكر ذلك الرازي في تفسيره مج ١٥ ج ٢٩ ص ٢٢٨ ، حيث قال الكلبي : يعني أولى بكم ، وهو قول الزجاج ، والفرّاء ، وأبي عبيدة.
(٤) هو أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار الأنباري صاحب الأضداد. ولد ببغداد عام ٢٧١ ه. أحد أعلام الأدب في عصره ، وإمام في النحو واللغة والتفسير ، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن ، وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها ت ٣٢٧ ه. ومن آثاره الأضداد ، والأمالي ، والسبع الطوال ، وغيرها. ينظر معجم الأدباء ١٨ / ٣٠٦. وتاريخ بغداد ٣ / ١٨١.