وأما المطلب الثالث
وهو ما تحتج به المجبرة القدريّة على إمامة أبي بكر وعمر
فاحتجوا على ذلك بوجوه ، واعتقدوا كونها أدلة. وهي على الحقيقة شبهة واهية. ونحن نوردها شبهة شبهة ، ونجيب عن كل واحدة منها بمنّ الله تعالى وعونه.
الشبهة الاولى : أن يقال : إن أبا بكر سماه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صدّيقا ، والصدّيق يجب أن يكون إماما. والجواب : عن ذلك أن لفظة الصّدّيق لا تفيد الإمامة لا بلفظها ، ولا بمعناها ، ولا بصريحها ، ولا بمفهومها ، ولا بفحواها. ولا تكشف عن شيء من ذلك لا في اللغة ، ولا في العرف ، ولا في الشرع ، وبذلك يبطل قولهم. وبعد فإن الله تعالى قد أشرك جميع المؤمنين في هذا الاسم بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) [الحديد : ١٩] ؛ فلو كان اسم الصديق يفيد الإمامة للزم في كل من آمن بالله ورسله (١) أن يكون إماما ، وفي ذلك من الوهى والفساد ما لا خفاء به ؛ فإنه كان يجب أن يكون مؤتمّا في حال كونه إماما ، وذلك خطل من القول.
وبعد فإنا روينا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال ـ حاكيا عن ربه عزوجل ـ : «يا محمّد إني انتجبتك لرسالتي ، واصطفيتك لنفسي ، وأنت نبيّي وخيرتي من خلقي. ثمّ الصّدّيق الأكبر ، الطّاهر المطهّر ، الّذي خلقته من طينتك ، وجعلته وزيرك ، وأبا سبطيك ، السّيّدين الشّهيدين الطّاهرين المطهّرين ،
__________________
(١) في (ب) : ورسوله.