وفي خبر آخر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال لعلي عليهالسلام : اليعسوب أمير النّحل ، وأنت أمير المؤمنين ؛ فهذا كله تصريح بتصحيح ما قلناه : من أنه عليهالسلام هو الفاروق تسمية ومعنى لا عمر بن الخطاب.
شبهة ثالثة : في إمامة أبي بكر
ربّما يحتجون بقول الله تعالى : (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) [التوبة : ٤٠] ، وهذا يفيد الإمامة ؛ لأنه إشارة إليها.
والجواب : عن ذلك أنّا نقول : لا علاقة بذلك في باب الإمامة على نحو ما تقدم بيانه في لفظة الصّدّيق ؛ فإن تعلّقوا بذلك في فضله فصّلنا القول فيه بعون الله ، فقلنا : أمّا قوله : (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ) فما من اثنين إلا ويجوز أن يضاف أحدهما إلى الآخر. تصديقه ، قوله تعالى : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ) [المجادلة : ٧] ؛ فإنه يدخل فيه المسلم والكافر والبرّ (١) والفاجر ؛ فلم يدل ذلك على الفضل ، مع كون الله تعالى رابع الثلاثة ، وسادس الخمسة ، إلى غير ذلك ؛ لقوله : (وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) ؛ فكذلك لا يدل كون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثانيا لأبي بكر ـ على فضل أبي بكر.
وأما قوله تعالى : (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ) ؛ فإن لفظ (٢) الصاحب لا يدل على الفضل أصلا ؛ بل يدخل فيه المؤمن والكافر. تصديقه قول الله سبحانه : (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ
__________________
(١) في (ب) : البار.
(٢) في (ب) : لفظة.