ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) [الكهف : ٣٧] ؛ فأطلق عليه سبحانه لفظ (١) الصاحب وهو كافر بالله تعالى ولم يدل ذلك على فضله ، بل لم يدل على كونه مسلما. وقد كان من جملة الصحابة عبد الله بن أبي وهو منافق ولم يدل ذلك على فضله.
وأما قوله : (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) فما نهاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا عن مكروه ، إلا أن يقول المخالفون : إن أبا بكر نهى رسول الله عن الحزن فغير مسلّم وغير صحيح بإجماع علماء التفسير ، ثم لو سلّمنا ذلك تسليم جدل لما كان لأبي بكر أن يقول مثل ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبعد فإن الله اختص نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرحمة والتأييد دون أبي بكر كما في سياق الآية. قال الله تعالى : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) [التوبة : ٤٠] ، يريد بذلك محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا خلاف ، فهلّا أشرك أبا بكر في السكينة كما أشرك أمير المؤمنين عليهالسلام ومن وقف معه يوم حنين في السكينة ، في قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) [التوبة : ٢٦] ؛ فدلّت هذه الآية على نقيض ما ادّعوه من الفضل لأبي بكر.
شبهة رابعة في إمامة أبي بكر خاصة :
احتجوا بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمره أن يصلي بالناس فكان ذلك تنبيها على إمامته. والجواب : عن ذلك أنّ روايتهم في ذلك مأخوذة عن عائشة ؛ لأنها قالت لبلال : امر (٢) أبا بكر فليصلّ بالناس حكاية عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فانظر أيها المسترشد كيف انتهت دلالتهم إلى امرأة ، وهي بنصف شاهد ، ثم لو صح
__________________
(١) في (ب) : لفظة.
(٢) في (ب) : مر.