السلاسل ، وفيهم أبو بكر مأمورا (١) غير أمير ، وكان عمرو بن العاص يؤمّ بهم في الصلاة ويأتمّ به أبو بكر ، فصلّى بهم ذات يوم وهو جنب لم يغتسل ، فهلا دلّ ذلك على فضل عمرو وإمامته ، ولم يقدّم عليه أبو بكر ، وادّعي كونه إماما. وإنما حملهم على ذلك الميل عن واضحات الأدلة واتّباع الشبه (٢) المضلة.
شبهة يحتجون بها على فضل الشيخين :
وربّما يحتج بها جهّالهم على الإمامة ، وهي قولهم : إن أبا بكر وعمر ضجيعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في قبره.
والجواب : أن هذا ليس من الإمامة في شيء. فأمّا ما يتعلقون به من إثبات الفضل فغير مسلّم وغير صحيح ؛ لأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبر في بيته بالإجماع ، ولا خلاف أنه لم يقبر في بيت أبي بكر ولا في بيت عمر ، وإذا ثبت ذلك فقد قال الله تعالى : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) [الأحزاب : ٥٣]. وهما لم يستأذنا في ذلك رسول الله ، ولا ادّعاه لهما مدّع ، ولا روي ذلك في خبر ولا أثر ، لا من أتباعهما ، ولا من مخالفيهما ؛ فيكف يكون الفضل بفعل ما نهى الله عنه! لا يكون أبدا. وإنّما تسنّم المخالفون سنام العناد ، وتنكبوا طريق الرشاد ؛ فحملهم ذلك على الاعتماد على ما لا دلالة فيه.
شبهة أخرى لهم في مثل ذلك
واحتجوا أيضا بكون الشيخين من السابقين الأولين وقد رضي الله عنهم.
__________________
(١) في (ب) : مأمور. والرفع على أنه مبتدأ ، «وفيهم» متعلق بالخبر ، والنصب على الحال. والله أعلم. المحقق.
(٢) في (ب) : الشبهة. ذكر ذلك ابن كثير في سيرته ٣ / ٥١٨. وأبو داود في سننه ١ / ٢٣٨ برقم ٣٣٤ ، ٣٣٥. والواقدي في سيرته ٢ / ٧٧٣. والطبري ٣ / ٣٢ ، ولم يذكر أنه جنب. وكذلك ابن الأثير في الكامل ٢ / ١٥٦.