فأمّا تعلقهم به في الإمامة فغير صحيح ؛ فإنّه لا يدل على ذلك كما لم يدل على إمامة غيرهم من السابقين. وأما تعلّقهم بلفظ الرّضى وأن ذلك يدل على الاستمرار على الرضى عنهم فغير مسلّم ، بل هو إخبار عن الحال ، ولا يمتنع تغييره بفعل معصية في وقت آخر.
كما ورد مثل ذلك في آية أخرى وهي قوله (١) تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) [الفتح : ١٨] ؛ فإن الرضى في الآيتين جميعا قد عمّ جميع المبايعين وسمّاهم الله بالمؤمنين ، ثم قال في آخر الآية الثانية : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) [الفتح : ١٠] ؛ فبان بذلك أنه لا يقطع على استمرار الرضى من الله تعالى.
شبهة أخرى
احتجوا بها على أن العشرة من أهل الجنة على سبيل القطع وذلك ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «عشرة في الجنة : أبو بكر في الجنة ، عمر في الجنة ، عثمان في الجنة ، عليّ في الجنة ، طلحة في الجنة ، الزبير في الجنة ، سعد بن مالك في الجنة ، عبد الرحمن بن عوف في الجنة ، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل في الجنة» (٢) ، قالوا : فيجب القطع على أنهم من أهل الجنة.
والجواب عن ذلك : أن هذا الخبر يدل على فضلهم فقط ، وهو إخبار عن الحال لا عن المآل ، ولن يتمّ الفضل ودخول الجنة إلا بالخواتم الحسنة. والكلام
__________________
(١) في (ب) : وهي قول الله.
(٢) أبي داود ٥ / ٣٩ رقم ٤٦٤٩. والترمذي ٥ / ٦٠٦ رقم ٣٧٤٨. والحاكم في المستدرك ٣ / ٣١٦. وقد جمعهم الشاعر :
عليّ والثلاثة وابن عوف |
|
وسعد منهم وكذا سعيد |
كذاك أبو عبيدة فهو منهم |
|
وطلحة والزّبير ولا مزيد |