ولمّا قام إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) كتب إليه أبو حنيفة كتابا من جملته قوله أما بعد : فإذا أظهرك الله على آل عيسى بن موسى فسر فيهم بسيرة (١) أبيك في أهل صفين ، فإنه قتل المدبر ، وأجهز على الجريح (٢) ، ولا تسر بسيرته في أهل الجمل فإنه لم يقتل المدبر ، ولم يجهز على الجريح. فوجد الكتاب فكتمه أبو جعفر الدوانيقي الملقّب بالمنصور حتى انقضت حروب إبراهيم عليهالسلام ، وسكن النّاس ، ثم أشخصه إلى بغداد. فسقي شربة مات منها [سنة ١٥٠ ه] (٣) ، فهو شهيد في حبّنا أهل البيت ودفن في بغداد [رحمهالله].
وقام عليه رجل (٤) فقال : يا أبا حنيفة ما اتّقيت الله في فتواك أخي بالخروج (٥) مع إبراهيم بن عبد الله فقتل؟ فقال أبو حنيفة مجيبا له : قتل أخيك مع إبراهيم خير له من الحياة ، قال : فما منعك أنت من الخروج؟ قال : ودائع للناس عندي (٦). وسأله رجل (٧) تلك الأيام عن الحج ، أو الخروج إلى
__________________
(١) في (ب) : سيرة.
(٢) المقاتل ص ٣٦٧ ، والإفادة ص ٨٤.
(٣) المقاتل ص ٣٦٧ ـ ٣٦٨. قال الزمخشري ١ / ١٨٤ في تفسير قوله تعالى : (قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، وكان أبو حنيفة رحمهالله يفتي سرا بوجوب نصرة زيد بن علي رضوان الله عليهما ، وحمل المال إليه والخروج معه على اللص المتغلب المتسمى بالإمام والخليفة كالدوانيقي وأشباهه ، وقالت له امرأة : أشرت على ابني بالخروج مع إبراهيم ومحمد ابني عبد الله بن الحسن حتى قتل ، فقال : ليتني مكان ابنك ، وكان يقول في المنصور وأشباهه : لو أرادوا بناء مسجد وأرادوني على عد آجره لما فعلت. وذكر صاحب مرآة الجنان أنه مات في السجن مسموما سنة ١٥٠ ه.
(٤) هو أبو إسحاق الفزاري ، واسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء بن حارثة.
(٥) في بقية النسخ : للخروج.
(٦) مقاتل الطالبيين ص ٣٦٤. والإفادة ص ٨٦.