يَكْسِبُونَ) [المطففين : ١٤] ، قيل : هو الذنب على الذنب حتى يسودّ القلب (١).
ومن موانع التوبة : كثرة الجهل ، وترك العلم ، حتى لا يدري بمضرة الذنب ، ولو عرف مضرة الذنب فإنه لا يدري كيفية المخرج منه ، ومن هاهنا يموت أكثر الخلق من غير توبة ؛ لجهلهم وقلة تمييزهم ، وهم العامة ، وقد شبههم الله بالأنعام ، فقال : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) [الأعراف : ١٧٩]. وفي الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله يغفر للعالم أربعين ذنبا قبل أن يغفر للجاهل ذنبا واحدا» (٢). ومن موانع التوبة للعارفين التسويف للتوبة وتأخيرها ، فإنه ربما هجمه الموت وهو مصرّ على الكبائر ، فخسر الدنيا والآخرة. ومن موانع التوبة : إغفال النّظر في الحساب والجزاء ، وقلة التفكر في الموت ، والمصير إلى القبر ونحو ذلك. ومن موانع التوبة : الإياس والقنوط من رحمة الله ونحو ذلك.
المبحث السادس : وبال تأخيرها ، ولا شبهة في أنّ وباله عظيم ؛ فإنه يؤدي إلى بقاء الضرر العظيم وهو العقاب الدائم ؛ لأنّ الموت ربما هجم عليه
__________________
(١) هو قول الحسن كما في النكت والعيون للماوردي ٦ / ٢٢٩ بمعناه. ويؤكد ذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه ، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو الرّان الذي ذكر في قوله : (كَلَّا بَلْ رانَ). رواه الترمذي ٥ / ٤٠٤ رقم ٣٣٣٥.
(٢) قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خيار أمتي علماؤها ، وخيار علمائها خيارها ، ألا وإن الله .. الحديث». وتمامه : ألا وإن العالم الرحيم يجيء يوم القيامة وإن نوره قد أضاء يمشي فيه ما بين المشرق والمغرب كما يسري الكوكب الدري. المرشد بالله ١ / ٥٢ ، ٦٢ ، وتاريخ بغداد ١ / ٢٣٨ ، وحلية الأولياء ٨ / ٢٠٢.