فلما لم يبينه لرسوله عليهالسلام ، ولا أمره بتركه وإزالة حكمه دلّ ذلك على أنّ تركها ليس من جملة الدين. ولمّا أمر بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دل على أنها مشروعة من الله تعالى ، ومأمور بالأذان بها لقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [النجم : ٣ ـ ٤].
وقال تعالى فيما أمر محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) [الأنعام : ٥٠]. والعجب من جهال من ينتسبون إلى مذهب الشافعي رحمهالله ، ينكرون على من يؤذن بحي على خير العمل ، ويرون من تلفّظ (١) بها في الأذان قد أتى أمرا كبيرا ، وربما يرون أنه قد خرج من الدين ، وذلك من كثرة جهلهم وقلّة تمييزهم (٢) ؛ لأنا قد بينا أن ذلك مروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وعن علي عليهالسلام ، وهو مذهب أسباط الأئمة (ع). فكيف ينكر على فاعله لو لا الجهل وضلال العقل ، وسفه الرأي ، وقلة العلم؟ فإنه متى كان حي على خير العمل مأخوذا من (٣) رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبه كان يؤذّن مؤذّنوه صلىاللهعليهوآلهوسلم على عهده حتى مات ، ثم أجمع أهل البيت (ع) على التأذين به ، لم يسغ خلاف ذلك. فإن ساغ لهم خلافه ، وقالوا : بأن المسألة اجتهاديّة ـ لم يسغ لهم الإنكار في
__________________
(١) في (ب) : يلفظ.
(٢) لعل هذا كان في أيّام المؤلّف ، أما في أيّامنا فلا يظهر منهم إلا كل خير ، والحرب على حيّ على خير العمل ، إنما جاء من أتباع محمد بن عبد الوهاب أصحاب نجد ، وقد رصدوا لهذا الغرض ونحوه من محو المذهب الزيدي أموالا طائلة ، وساعدهم الجهلة والمحتاجون من اليمنيين ؛ لأن الفقر كاد أن يكون كفرا وقد عمت بلواهم ، وانتشرت فتنتهم كفانا الله الفتن والأهواء.
(٣) في (ب) : عن.