الرحيم واجب في مواضع الجهر ، والمخافتة بها واجبة في موضع المخافتة. والتشديد في الفاتحة في أربعة عشر موضعا ؛ فلا تخلّ بواحدة منها ، وافرق بين الضاد والظاء فيما تتلوه من كتاب الله تعالى ، فإن المغضوب والضالين ، بالضاد ، فإن قرأتهما أو أحدهما بالظاء بطلت صلاتك ، وكذلك في سائر آي القرآن ، إن قرأت ما هو بالظاء بالضاد ، أو قرأت (١) ما هو بالضاد بالظاء بطلت صلاتك ، إلا في لفظة واحدة في كتاب الله تعالى وهي قوله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) (٢) [التكوير : ٢٤] فإنه يجوز قراءتها بالضاد والظاء جميعا.
__________________
الرحمن الرحيم والإسرار به ، فقال : لا أدري هذه المسألة ؛ فثبت أن الرواية عن أنس في هذه المسألة قد عظم فيها الخطب والاضطراب ، فبقيت متعارضة فوجب الرجوع إلى سائر الدلائل. وأيضا ففيها تهمة أخرى وهي : أن عليا عليهالسلام كان يبالغ في الجهر بالتسمية فلما وصلت الدولة إلى بني أمية بالغوا في المنع من الجهر سعيا في إبطال آثار علي عليهالسلام ؛ فلعل أنسا خاف منهم ، فلهذا السبب اضطربت أقواله فيه. ونحن وإن شككنا في شيء فإننا لا نشك أنه مهما وقع التعارض بين قول أنس وابن المغفل وبين قول علي بن أبي طالب الذي بقي عليه طول عمره ، فإن الأخذ بقول علي أولى ، فهذا جواب قاطع في هذه المسألة .. إلى آخر كلامه. ينظر تفسير الرازي ١ / ٢١١. ومن أراد المزيد في ذلك فليرجع إلى المصابيح للشرفي ١ / ١٤٦. وتفسير الرازي فقد أوسعا في ذلك.
(١) في بقية النسخ : قريت.
(٢) لأنك إذا قرأت بالظاء فهي على قراءة ابن كثير وأبي عمر والكسائي. وإن قرأت بالضاد فهي على قراءة غيرهم. قال الزمخشري في كشافه ٤ / ٧١٣ (بِضَنِينٍ) : بمتهم من الظنة وهي التهمة ، وقرئ بضنين من الضن وهو البخل أي : لا يبخل بالوحي فيزوي بعضه غير مبلغه ؛ أو يسأل تعليمه فلا يعلمه وهو في مصحف عبد الله بن مسعود بالظاء وفي مصحف أبيّ بالضاد ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقرأ بهما ، وإتقان الفصل بين الضاد والظاء واجب ، ومعرفة مخرجيهما ممّا لا بد منه للقارئ ؛ فإن أكثر العجم لا يفرقون بين الحرفين ، وإن فرقوا ففرقا غير صواب وبينهما بون بعيد ، فإن مخرج الضاد من أصل حافة اللسان وما يليها من الأضراس من يمين اللسان أو يساره. وهي أحد الحروف الشجرية أخت الجيم والشين. وأما الظاء فمخرجها من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا ، وهي من الحروف المذلقة أخت الذال والثاء.