رحمهالله : فمن أكثر من التسبيح فله إكثاره ، ومن أقل أجزأه إقلاله ، قال : وكان يسبّح كثيرا ، ويقول : التسبيح أيضا حسن جميل ، وليس لقائل أن يقول (١) : الفاتحة في هذا الموضع أولى ؛ لأن كلام الله أفضل من كلام غيره ؛ لأنا نقول : لا شكّ أنّ كلامه (٢) تعالى أفضل الكلام ، إلا أنه ينبغي اتباع السنة (٣).
ولا خلاف أنه لو قرأ في الركوع والسجود الفاتحة بدلا من التسبيح ، لكان مخالفا مبتدعا ، ولا خلاف أن التسبيح فيهما أفضل من قراءة القرآن فيهما مع كون ذلك من كلام الله تعالى ، فكذلك في التسبيح في الركعتين الأخيرتين ؛ لأن ذلك مأخوذ من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال الإمام الناصر للحق أحمد بن الهادي (ع) : والذي صحّ لنا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه كان يسبّح في الركعتين الأخيرتين بما ذكرناه ، وفي الثالثة من المغرب ، ولأنّ المصلي متى سبّح في هذا الموضع كان قد جمع في صلاته بين قراءة القرآن والتسبيح ، الذي فيه من الفضائل ما لا يحصى. والتسبيح غير واجب في شيء من الصلوات الخمس عند أئمتنا (ع) ، وهو قول جميعهم ، إلا ما ذكره المتوكل على الله عليهالسلام (٤) ، فإنه ذكر وجوبه. واحتج على ذلك بأنّ الله تعالى أمر بالتسبيح في كتابه نحو قوله : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) [النصر : ٣] ، وقوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى : ١] ، ونحو ذلك.
وظاهر الأمر يقتضي الوجوب ، ولا خلاف أنه لا يجب في غير الصلاة ، فلم
__________________
(١) في (ب) : لقائل يقول إنّ الفاتحة.
(٢) في (ب) : كلام الله.
(٣) قد يقال : والقنوت بغير القرآن من السّنّة ، ولا سيما ما صح منها عند أهل البيت (ع)
(٤) الإمام أحمد بن سليمان عليهماالسلام.