رحمة على العباد (١). ومن ذلك الإخبار عن الشيء بما لا يحصل إلا معه وبه ، كما أخبر عن الوطء بالملامسة تارة (٢) ، وباللمس أخرى (٣) ، وبالمباشرة تارة.
ومن ذلك الإخبار عن الشيء بما ينبئ عنه ويدل عليه أو يقوم مقامه ، نحو تسمية الإشارة الدّالة على صوم مريم قولا لمّا كانت تلك الإشارة في الإخبار عن صومها تقوم مقام القول. ومن ذلك أن يقام الإخبار عما معه يحصل الثاني أو يتعلق به ، نحو قوله تعالى : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) [طه : ٤٦] ، أخبر بذلك عن حفظهما ونصرهما ؛ إذ كان النصر والحفظ قد يقعان عند العلم (٤) لحاجة (٥) الغير إليهما. ومن ذلك الإخبار عن الشيء بما يحصل عند حصوله لا محالة ، وذلك نحو تعليق حصول الشيء بعلم الله تعالى الذي لا بد أن يعلمه كائنا عند كونه ، وذلك نحو قولهم : لم يعلم الله من ذلك قليلا ولا كثيرا ، قصدا لنفي كونه ، فلمّا كان جميع ما يحصل ويكون يعلمه الله (٦) ـ علّق حصوله به على ما بيناه ؛ وإذا كان كذلك فقوله : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) [آل عمران : ١٤٢] معناه : ولمّا تجاهدوا وتصبروا (٧) ؛ لأنّه لا فرق عند أهل اللغة العربية بين أن يقول : ولمّا تجاهدوا
__________________
(١) في (ب) : للعباد.
(٢) في (ب) بحذف تارة.
(٣) الأظهر بالمس إشارة لقوله سبحانه : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) ؛ لأن الملامسة هي اللمس. والملامسة يشير إلى قوله تعالى : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ).
(٤) في (ب) و (ج) عن العلم.
(٥) في (ب) بحاجة وهو الأنسب.
(٦) في (ب) ، (ج) : بعلم الله تعالى.
(٧) في (ب) : يجاهدوا ويصبروا ، بالياء.