وكذلك قوله تعالى : (لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [يونس : ١٤] ، فإنه لا يقتضي أنه لم يكن عالما بذلك ، بل يوجب الإمهال والإنظار ، وقد تضمن ذلك التهديد ، ومعناه لينظر (١) إلى عملكم موجودا فيثيبكم أو يعذبكم على ما يحصل من أعمالكم ؛ لأنه لا يجوز أن يعذبهم على علمه بما سيعلمون ؛ لأنه ليس بعمل لهم قبل فعله (٢).
وكذلك قوله تعالى : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) [طه : ٤٤] ، فإن «لعلّ» في هذا الموضع (٣) توضع موضع لام كي ، وذلك شائع في لغة العرب ، فيجب حملها على هذا المعنى (٤).
ومما تعلقوا به قول الله سبحانه : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) [فصلت : ١٥] ، قالوا : فقد أثبت لنفسه القوّة ، وذلك يوجب صحة القول بالصفات (٥).
__________________
(١) في (ب) : لننظر إلى عملكم فنثيبكم ونعذبكم ، وفي (د) : أو نعذبكم.
(٢) ينظر الكشاف ٢ / ٣٣٣.
(٣) في (ب) في مثل هذا الموضع.
(٤) ينظر معاني القرآن للأخفش ٢ / ١٣١ ، والدر المصون ٨ / ٤٣ ، وقال : قوله : لعله «فيه أوجه : أحدها : أن لعل على بابها من الترجي ، وذلك بالنسبة إلى المرسل وهو موسى وهارون عليهماالسلام ، أي اذهبا على رجائكما وطمعكما في إيمانه ، اذهبا مترجيين طامعين ، وهذا معنى قول الزمخشري ، ولا يستقيم أن يرد ذلك في حق الله تعالى ؛ إذ هو عالم بعواقب الأمور. وعن سيبويه : كل ما ورد في القرآن من لعل وعسى ؛ فهو من الله واجب ، يعني أنه مستحيل بقاء معناه في حق الله تعالى. والثاني : أن لعل بمعنى كي ، فتفيد العلة. وهذا قول الأخفش ، قال كما تقول : اعمل لعلك تأخذ أجرك ، أي : كي تأخذ. والثالث : أنها استفهامية ، أي : هل يتذكر أو يخشى؟ وهذا قول ساقط ، وذلك أنه يستحيل الاستفهام في حق الله تعالى ، كما يستحيل الترجي ؛ فإذا كان لا بد من التأويل ، فجعل اللفظ على مدلوله باقيا أولى من إخراجه عنه».
(٥) ينظر تفسير الفخر الرازي مج ١٤ ج ٢٧ ص ١١٣ حيث قال : احتج أصحابنا بهذه الآية على إثبات القدرة لله ، فقالوا : القوة لله تعالى.