مِنْهُ بِالْيَمِينِ) [الحاقة ٤٥] معناه بجد وصرامة ، قال الشاعر :
إذا ما راية نصبت (١) لمجد |
|
تلقّاها عرابة باليمين |
أي بجدّ وصرامة. ويجوز أن يكون معنى قوله باليمين ، أي بقدرته وقوته ، وهو مروي عن ابن عباس (٢). ومن جملة ما تعلقوا به آيات الوجه نحو قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥] ، وقوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] ، وقوله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) [الإنسان : ٩] ، ونحو قوله : (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) [الكهف : ٢٨] ، وقوله : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) [الليل : ٢٠].
قالت المشبّهة : وكلّ ذلك يدل على ثبوت وجه الله تعالى (٣) ، فدل ذلك على أنه جسم. والجواب أنّ الدلالة العقلية قد دلت على أنه ليس بجسم ، وكذلك الدلالة الشرعية ؛ فبطل ما ذهبوا إليه. ومما يزيد ذلك صحة أنّ هذه الآيات لا تقتضي جارحة مخصوصة ؛ لأنه متى علّق اللفظ بجارحة مخصوصة فسد معاني هذه الآيات ؛ لأن قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) متى حمل على جارحة مخصوصة فإنه يقتضي أن يهلك سائره ويبقى وجهه ، فيهلك ما سوى الوجه من يد ورجل وغيرهما ، وهذا مما لا يقولون به. ولا خلاف في أنه كفر من قائله. وكذلك قوله : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) وسائر ما تقدم ذكره يقتضي أن يكون مقصد القوم في طاعته إلى وجهه دون سائر أبعاضه ، وأنه لا يقبل عمل عامل إلا أن يبتغي وجهه دون سائره ، وهذا مما
__________________
(١) في (ب) رفعت ، ونصبت. وفي (ج) : رفعت.
(٢) القرطبي ١٨ / ١٧٨. والخازن مع البغوي ٦ / ٢٧٢.
(٣) التوحيد لابن خزيمة ١٠.