الكثرة فالكثرة إن كانت عدمية كانت الوحدة عدما للعدم فتكون ثبوتية ، وإن كانت وجودية كان مجموع العدمات أمرا وجوديا وهو محال ، وإن كانت ثبوتية فإن كانت ثابتة في الخارج لزم التسلسل وإن كانت ثابتة في الذهن فهو المطلوب فإذن الوحدة أمر عقلي اعتباري يحصل في العقل عند فرض عدم انقسام الملحوق وهي من المعقولات الثانية العارضة للمعقولات الأولى وكذا الكثرة لأنه لا يمكن أن تتصور وحدة أو كثرة قائمة بنفسها بل إنما تتصور عارضة لغيرها.
المسألة التاسعة
في التقابل بين الوحدة والكثرة
قال : وتقابلهما لإضافة العلية والمعلولية والمكيالية والمكيلية لا لتقابل جوهري بينهما.
أقول : إن الوحدة وإن كانت تعرض لجميع الأشياء حتى الكثرة نفسها لكنها لا تجامع الكثرة في موضوع واحد بالقياس إلى شيء واحد فإن موضوع الكثرة من حيث صدق الكثرة عليه لا يمكن صدق الوحدة عليه فبينهما تقابل قطعا.
إذا عرفت هذا فنقول إنك ستعلم أن أصناف التقابل أربعة إما تقابل السلب والإيجاب أو العدم والملكة أو التضايف والتضاد وليس بين الوحدة والكثرة تقابل جوهري أي ذاتي يستند إلى ذاتيهما بوجه من الوجوه الأربعة لأن الوحدة مقومة للكثرة ومبدأ لها وهما ثبوتيتان فليستا بسلب وإيجاب ، ولا عدم وملكة ، ولا متضايفتين لأن المقوم متقدم والمضايف مصاحب ، ولا متضادتين لامتناع تقوم أحد الضدين بالآخر فلم يبق بينهما إلا تقابل عرضي وهو باعتبار عروض العلية والمعلولية والمكيالية والمكيلية العارضتين لهما فإن الوحدة علة للكثرة ومكيال لها والكثرة معلولة ومكيلة فبينهما هذا النوع من التضايف فكان التقابل عرضيا لا ذاتيا.