فظاهر أنهما لا يتقابلان وكذلك إن تقابلا لصدقهما معا على غير المتقابلين وهذا كله ظاهر.
إذا ثبت هذا فنقول المتقابلان إما أن يؤخذا باعتبار القول والعقد ، أو بحسب الحقائق أنفسها ، والأول هو تقابل السلب والإيجاب كقولنا زيد كاتب ، زيد ليس بكاتب.
والثاني إما أن يكون أحدهما عدميا أو يكونا وجوديين والأول هو تقابل العدم والملكة وهو يقارب تقابل السلب والإيجاب لكن الفرق بينهما أن السلب والإيجاب في الأول مأخوذ باعتبار مطلق والثاني مأخوذ باعتبار شيء واحد.
واعلم أن الملكة هو وجود الشيء في نفسه والعدم هو انتفاء تلك الملكة عن شيء من شأنه أن يكون له كالعمى والبصر.
وإن كانا وجوديين فإن عقل أحدهما بالقياس إلى الآخر فهو تقابل التضايف كالأبوة والبنوة وإلا فهو تقابل التضاد كالسواد والبياض.
واعلم أن تقابل التضاد يعاكس تقابل العدم والملكة في التحقيق والمشهورية وذلك لأن الضدين في المشهور يطلقان على كل وجوديين متقابلين لا يعقل أحدهما بالقياس إلى الآخر وفي التحقيق على أخص من ذلك وهو أن يقيد ما ذكر بأن يكون بينهما غاية التباعد فالسواد والحمرة ضدان بالمعنى الأول لا الثاني.
وأما تقابل العدم والملكة فيطلق العدم فيه بحسب التحقيق على عدم شيء عن شيء وبحسب الشهرة على معنى أخص من ذلك وهو أن يقيد الشيء بأن يكون نوعا أو جنسا قريبا أو بعيدا على اختلاف التفسير فيقال هو عدم شيء عما من شأنه أن يكون له بحسب نوعه أو جنسه القريب فعدم البصر عن الحائط عدم ملكة بحسب المعنى الأول وسلب بالمعنى الثاني فقد ظهر أن تقابل الضدين بحسب التحقيق أخص منه بحسب الشهرة ، وتقابل العدم والملكة بالعكس.
قال : ويندرج تحته الجنس باعتبار عارض.
أقول : لما بين انقسام التقابل إلى الأنواع الأربعة حتى صار كالجنس لها ذكر أن مطلق التقابل يندرج تحت أحد أنواعه أعني التضايف فإن التقابل من حيث هو تقابل