كل واحد منها علة تارة ومن حيث كل واحد منها معلولة أخرى كانت العلل والمعلولات المتباينات بالاعتبار متطابقتين في الوجود ولا يحتاج في تطابقهما إلى توهم تطبيق ومع ذلك يجب أن تكون العلل أكثر من المعلولات من حيث إن العلل سابقة على المعلولات في طرف المبتدإ فإذن المعلولات قد انقطعت قبل انقطاع العلل والعلل الزائدة عليها إنما زادت بمقدار متناه فتكون الجملتان متناهيتين.
قال : ولأن المؤثر في المجموع إن كان بعض أجزائه كان الشيء مؤثرا في نفسه وعلله ولأن المجموع له علة تامة وكل جزء ليس علة تامة إذ الجملة لا تجب به وكيف تجب الجملة بشيء هو محتاج إلى ما لا يتناهى من تلك الجملة.
أقول : هذا وجه رابع على إبطال التسلسل وتقريره أنا إذا فرضنا جملة مترتبة من علل ومعلولات إلى ما لا يتناهى فتلك الجملة من حيث هي جملة ممكنة لتركبها من الآحاد الممكنة وكل ممكن له مؤثر فلتلك الجملة مؤثر فإما أن يكون المؤثر هو نفس تلك الجملة وهو محال لاستحالة كون الشيء مؤثرا في نفسه ، وإما أن يكون خارجا عنها والخارج عن جملة الممكنات واجب فتنقطع السلسلة وإما أن يكون جزءا من تلك الجملة وهذا محال وإلا لزم كون الشيء مؤثرا في نفسه وفي علله التي لا تتناهى وذلك من أعظم المحالات. وأيضا فإن المجموع لا بد له من علة تامة وكل جزء ليس علة تامة إذ الجملة لا تجب به وكل جزء لا يصلح أن يكون علة تامة للمجموع وكيف تجب الجملة بجزء من أجزائها وذلك الجزء محتاج إلى ما لا يتناهى من تلك الجملة.
المسألة الخامسة
في متابعة المعلول للعلة في الوجود والعدم
قال : وتتكافى النسبتان في طرفي النقيض.
أقول : الذي يفهم من هذا الكلام أن نسبة العلية مكافئة لنسبة المعلولية في طرفي