والثالث : قوى يفرض صدور أعمال متوالية عنها مختلفة بالعدد كرماة يختلف عدد رميهم ولا محالة تكون التي يصدر عنها عدد أكثر أقوى من التي يصدر عنها عدد أقل وهاهنا يقع لغير المتناهية عمل غير متناهي العدد وهذه قوة بحسب العدة. فقد ظهر من هذا أن التناهي وعدمه الخاص به إنما صدقا على المؤثر بأحد الاعتبارات الثلاثة.
قال : لأن القسري يختلف باختلاف القابل ومع اتحاد المبدإ يتفاوت مقابله.
أقول : لما مهد قاعدة في كيفية عروض التناهي وعدمه في القوى شرع في الدليل على مطلوبه الأول أعني وجوب تناهي تأثير القوى الجسمانية.
وتقريره أن القوى الجسمانية إما أن تكون قسرية أو طبيعية وكلاهما يستحيل صدور ما لا يتناهى عنهما.
أما الأول فلأن صدور ما لا يتناهى بحسب الشدة من الحركات عن القوتين محال لما مر ، وأما بحسب المدة أو العدة فلأنا لو فرضنا جسما متناهيا يحرك جسما آخر متناهيا من مبدإ مفروض حركات لا تتناهى بحسب المدة أو العدة ثم حرك بتلك القوة جسما أصغر من ذلك الجسم من ذلك المبدإ فإن تحريكه للأصغر أكثر من تحريكه للأكبر لقلة المعاوقة هنا ولكن المبدأ واحد فالتفاوت في الطرف الآخر فيجب تناهي الناقص مع فرض عدم تناهيه هذا خلف.
وهاهنا سؤال صعب وهو أن التفاوت في التحريكين جاز أن يكون بحسب الشدة ، وأجاب المصنف قدس الله روحه عن هذا السؤال في شرحه للإشارات بأن المراد بالقوة هاهنا هي التي لا نهاية لها بحسب المدة أو العدة لا الشدة.
وفيه نظر لأن أخذ القوة بحسب الاعتبارين لا ينافي وقوع التفاوت بالاعتبار الثالث.
وأورد بعض تلامذة أبي علي عليه أنه لا وجود للحركات دفعة فلا يجوز الحكم عليها بالزيادة فضلا عن كون الزيادة مقتضية لتناهيها كما قاله الشيخ اعتراضا على المتكلمين حيث حكموا بتناهي الحوادث لازديادها كل يوم.
وأجاب الشيخ عنه بالفرق فإن الحوادث ليس لها كل موجود حتى يحكم عليها بالتناهي وعدمه ، والزيادة والنقصان بخلاف القوة هاهنا فإنها موجودة يحكم عليها بكونها