السادس : أنها قوية على إحالة المركب إليها وذلك ظاهر.
قال : والهواء حار رطب شفاف له أربع طبقات.
أقول : لما فرغ من البحث عن أحكام النار شرع في البحث عن الهواء الملاصق لها وذكر له أحكاما أربعة : الأول أنه حار وذلك فيما يرجع إلى الكيفية الفعلية وقد وقع التشاجر فيه فأكثر الناس ذهب إلى أنه حار لا في الغاية لأن الماء إذا أريد جعله هواء سخن فضل تسخين ومع استحكام التسخين ينقلب هواء ، وآخرون منعوا من ذلك لأنه لو اقتضى السخونة لطبعه لبلغ فيها الغاية لوجود العلة الخالية عن المعاوق. الثاني أنه رطب بمعنى سهولة قبول الأشكال لا بمعنى البلة وذلك ظاهر وهذا فيما يرجع إلى الكيفية الانفعالية. الثالث أنه شفاف وهو ظاهر لعدم إدراكه صرفا بالبصر. الرابع أنه ذو طبقات أربع الطبقة الأولى الملاصقة للأرض ، الثانية الطبقة الباردة بسبب ما يخالطها من الأبخرة ، الثالثة الطبقة الصرفة ، الرابعة الطبقة الممتزجة بشيء من النار.
قال : والماء بارد رطب شفاف محيط بثلاثة أرباع الأرض له طبقة واحدة.
أقول : ذكر للماء خمسة أحكام :
الأول أنه بارد والحس يدل عليه لأنه مع زوال المسخنات الخارجية يحس ببرده.
واختلفوا فالأكثر على أن الأرض أبرد منه لأنها أكثف وأبعد عن المسخنات والحركة الفلكية ، وقال قوم : إن الماء أبرد لأنا نحس بذلك وهو ضعيف لأن الشيء قد يكون أشد بردا في الحس ولا يكون في نفس الأمر كذلك كما في جانب السخونة ولهذا كانت السخونة في الأجسام الذائبة كالرصاص وغيره أشد في الحس من النار الصرفة الخالية عن الضد لسرعة انفصال النار الصرفة عن اليد لأجل لطافتها فلا يدوم أثرها كذلك هاهنا أثر الماء للطافته ينبسط على العضو ويصل إلى عمق كل جزء منه ويلتصق به بخلاف التراب المتناثر عنه سريعا فكان الإحساس ببرد الماء أكثر.
الثاني أنه رطب وهو ظاهر بمعنى البلة وقيل إنه يقتضي الجمود لأنه بارد بالطبع والبرد