يقتضي الجمود وإنما عرض السيلان له بسبب سخونة الأرض والهواء ولو خلي وطبعه لاقتضى الجمود.
الثالث أنه شفاف لأنه مع صرافته لا يحجب عن الأبصار. وقيل إنه ملون وإلا لم يكن مرئيا ولضعف لونه لم يحجب عن الأبصار.
الرابع أنه محيط بأكثر الأرض وهو حكم ظني لأنهم جعلوا العناصر متعادلة وإلا لاستحال الأضعف وعدم عنصره فلو لا إحاطته بثلاثة أرباع الأرض لكان أقل من الأرض وإذا كان محيطا بأكثر الأرض كان هو البحر وإلا فإما أن يكون فوق الأرض أو تحتها والثاني باطل وإلا لكان أصغر من الأرض فبقي الأول وهو البحر.
الخامس أنه ذو طبقة واحدة هو البحر وهو ظاهر.
قال : والأرض باردة يابسة ساكنة في الوسط شفافة لها ثلاث طبقات.
أقول : ذكر للأرض أحكاما خمسة :
الأول أنها باردة لأنها كثيفة وقد سلف البحث في أنها أبرد العناصر.
الثاني أنها يابسة وهو أيضا ظاهر.
الثالث أنها ساكنة في الوسط وقد نازع في ذلك جماعة : فذهب قوم إلى أنها متحركة إلى السفل ، وآخرون إلى العلو ، وآخرون بالاستدارة ، والحق خلاف ذلك كله وإلا لما وصل الحجر المرمي إليها إن كانت هاوية ، ولما نزل الحجر المرمي إلى فوق إن كانت صاعدة ، ولما سقط على الاستقامة إن كانت متحركة على الاستدارة.
وقد أشار في هذا الحكم إلى فائدة بقوله في الوسط وهو الرد على من زعم أنها ساكنة بسبب عدم تناهيها من جانب السفل لا من حيث الطبع وبيان بطلان هذا القول ظاهر لأن الأجسام متناهية.
الرابع أنها شفافة وقد وقع فيه منازعة بين القوم فذهب جماعة إليه لأنها بسيطة ، وذهب آخرون إلى المنع لأنا نشاهد الأرض فإن كانت بسيطة فالمطلوب وإن كانت ممتزجة بغيرها كانت الأرضية عليها أغلب فكانت الشفافية أغلب وليس كذلك ، ثم