السوابق فتكون متناهية ، والسوابق أيضا تكون متناهية لأنها زادت بمقدار متناه وهذا الوجه الأخير استنبطه المصنف ـ رحمهالله ـ ولم نعثر عليه في كلام القدماء.
قال : والضرورة قضت بحدوث ما لا ينفك عن حوادث متناهية.
أقول : لما بين أن الأجسام لا تنفك عن الحركة والسكون وبين حدوثهما وتناهيهما وجب القول بحدوث الأجسام لأن الضرورة قضت بحدوث ما لا ينفك عن حوادث متناهية.
قال : فالأجسام حادثة ولما استحال قيام الأعراض إلا بها ثبت حدوثها.
أقول : هذا نتيجة ما ذكر من الدليل وهو القول بحدوث الأجسام. وأما الأعراض فإنه يستحيل قيامها بأنفسها وتفتقر في الوجود إلى محل تحل فيه وهي إما جسمانية أو غير جسمانية والكل حادث : أما الجسمانية فلامتناع قيامها بغير الأجسام وإذا كان الشرط حادثا كان المشروط كذلك بالضرورة ، وأما غير الجسمانية فبالدليل الدال على حدوث كل ما سوى الله تعالى. والمصنف ـ رحمهالله ـ إنما قصد الأعراض الجسمانية لقوله : لما استحال قيام الأعراض إلا بها ثبت حدوثها.
قال : والحدوث اختص بوقته إذ لا وقت قبله ، والمختار يرجح أحد مقدوريه لا لأمر عند بعضهم.
أقول : لما بين حدوث العالم شرع في الجواب عن شبه الفلاسفة وأقوى شبههم ثلاثة أجاب المصنف ـ رحمهالله ـ عنها في هذا الكتاب.
الشبهة الأولى وهي أعظمها قالوا المؤثر التام في العالم إما أن يكون أزليا أو حادثا فإن كان أزليا لزم قدم العالم لأن عند وجود المؤثر التام يجب وجود الأثر لأنه لو تأخر عنه ثم وجد لم يخل إما أن يكون لتجدد أمر أو لا والأول يستلزم كون ما فرضناه مؤثرا تاما ليس بتام هذا خلف ، والثاني يستلزم ترجيح أحد طرفي الممكن لا لمرجح لأن اختصاص وجود