قال : وأما تناهي جزئياتها فلأن وجود ما لا يتناهى محال للتطبيق ، ولوصف كل حادث بالإضافتين المتقابلتين ويجب زيادة المتصف بإحداهما من حيث هو كذلك على المتصف بالأخرى فينقطع الناقص والزائد أيضا.
أقول : لما بين حدوث الحركة والسكون شرع الآن في بيان تناهيهما لأن بيان حدوثهما غير كاف في الدلالة وهذا المقام هو المعركة بين الحكماء والمتكلمين فإن المتكلمين يمنعون من اتصاف الجسم بحركات لا تتناهى ، والأوائل جوزوا ذلك
والمتكلمون استدلوا على قولهم بوجوه أحدها أن كل فرد حادث فالمجموع كذلك. وهو ضعيف إذ لا يلزم من حدوث كل فرد حدوث المجموع.
الثاني أنها قابلة للزيادة والنقصان فتكون متناهية. وهو ضعيف بمعلومات الله تعالى ومقدوراته فإن الأولى أزيد من الثانية ولا يلزم تناهيهما.
الثالث : التطبيق وهو أن تؤخذ جملة الحركات من الآن إلى الأزل جملة ، ومن زمان الطوفان إلى الأزل جملة أخرى ثم تطبق إحدى الجملتين بالأخرى فإن استمرا إلى ما لا يتناهى كان الزائد مثل الناقص هذا خلف ، وإن انقطع الناقص تناهى وتناهى الزائد لأنه إنما زاد بمقدار متناه والزائد على المتناهي بمقدار متناه يكون متناهيا.
الرابع أن كل حادث يوصف بإضافتين متقابلتين هما السابقية والمسبوقية لأن كل واحد من الحوادث غير المتناهية يكون سابقا على ما بعده ولاحقا لما قبله والسبق واللحوق إضافتان متقابلتان وإنما صح اتصافه بهما لأنهما أخذا بالنسبة إلى شيئين.
إذا عرفت هذا فنقول إذا اعتبرنا الحوادث الماضية المبتدأة من الآن تارة من حيث إن كل واحد منها سابق ، وتارة من حيث هو بعينه لاحق كانت السوابق واللواحق المتباينتان بالاعتبار متطابقتين في الوجود ولا يحتاج في تطابقهما إلى توهم تطبيق ومع ذلك يجب كون السوابق أكثر من اللواحق في الجانب الذي وقع فيه النزاع ، وإلى هذا أشار بقوله ويجب زيادة المتصف بإحداهما أعني بإحدى الإضافتين وهو إضافة السبق على المتصف بالأخرى أعني إضافة اللحوق فإذن اللواحق منقطعة في الماضي قبل انقطاع