الممكنات لاستحالة اشتراط السابق باللاحق ، وإلى هذا القسم أشار بقوله ولا سبق لمشروط أي الصورة باللاحق أي بالمادة في وجوده.
وأما الرابع : فلأن النفس إنما تفعل بواسطة البدن فلو كانت هي المعلول الأول لكانت علة لما بعدها من الأجسام فتكون مستغنية في فعلها عن البدن فلا تكون نفسا بل عقلا وهو محال فهي إذا مشروطة بأسرها بالأجسام فلو كانت سابقة عليها لكان السابق مشروطا باللاحق في تأثيره المستند إليه وهو محال ، وإلى هذا أشار بقوله ولا سبق لمشروط أي النفس باللاحق أي الجسم في تأثيره.
وأما الخامس : فلأن العرض محتاج في وجوده إلى الجوهر فلو كان المعلول الأول عرضا لكان علة للجواهر كلها فيكون السابق مشروطا في وجوده باللاحق وهو باطل بالضرورة وإليه أشار بقوله ولا سبق لمشروط باللاحق في وجوده فالحاصل أن الصورة والعرض مشروطان بالمادة والجوهر فلا يكونان سابقين عليهما والنفس إنما تؤثر بواسطة الجسم فلا تكون متقدمة عليه تقدم العلة على المعلول وإلا استغنت في تأثيرها عنه.
إذا عرفت هذا الدليل فنقول بعد تسليم أصوله إنه إنما يلزم لو كان المؤثر موجبا ، أما إذا كان مختارا فلا فإن المختار تتعدد آثاره وأفعاله وسيأتي الدليل على أنه مختار.
قال : وقولهم : استدارة الحركة توجب الإرادة المستلزمة للتشبه بالكامل إذ طلب الحاصل فعلا أو قوة يوجب الانقطاع ، وغير الممكن محال لتوقفه على دوام ما أوجبنا انقطاعه ، وعلى حصر أقسام الطلب ، مع المنازعة في امتناع طلب المحال.
أقول : هذا هو الوجه الثاني من الوجوه التي استدلوا بها على إثبات العقول المجردة مع الجواب عنه.
وتقرير الدليل أن نقول حركات السموات إرادية لأنها مستديرة وكل حركة مستديرة إرادية لأن الحركة إما طبيعية أو قسرية والمستديرة لا تكون طبيعية لأن المطلوب بالطبع لا يكون متروكا بالطبع وكل جزء من المسافة في الحركة المستديرة فإن تركه بعينه هو التوجه إليه وإذا انتفت الطبيعة انتفت القسرية لأن القسر على خلاف الطبع وحيث